للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن الكمال النفسي الناجم عن الإيمان الكامل والعلم الواسع والتقوى العامة، يؤهل صاحبه لحسن السياسة وسلامة الحكم وقوة القيادة والحكمة فيها وهذا الذي تم لصديق بحذافيره وبرز فيه وكان مثال الحاكم العادل، والسياسي البارع والقائد المظفر الرشيد ويكفينا شاهدا على كمال أبي بكر في رشده وحسن سياسته، وعظمة قيادته، من عشرات الشواهد والتي من أبرزها إعلان الحرب على المرتدين وقتالهم إلى أن أخضعهم للإسلام وعادوا إليه، وتسيير جيش أسامة الذي عبأه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحال دون تحريكه وخروجه إلى بلاد الشام مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وفاته فإن أبا بكر - والفتنة قائمة والمسلمون في أحرج المواقف وأصعب الأحوال - قد أنفذ جيش أسامة كما أراد الله ورسوله فكان في ذلك من الخير والنصرة للإسلام والعزة ما لا يقدر قدره.

أقول يكفينا شاهدا خطبته التي خطبها بعد أن تمت بيعته خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين فقد رسم في تلك الخطبة التاريخية الشهيرة سياسته في الحرب والسلم وفي الحكم والقضاء كما في القيادة والتدبير فقال: "يا أيها الناس إني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له إن شاء الله تعالى والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله تعالى، ولا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله تعالى بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله".