ولقد نقل الأستاذ مالك بن نبي المفكر الجزائري في كتابه (الظاهرة القرآنية) هذا العريف للوحي عن كتاب (الوحي المحمدي) وتعقبه بقوله [٤٣] : "..ولقد بقي هذا التعريف الذي أسهب الأستاذ الإمام في تحديده بعض الغموض فيما يتصل بتفسير اليقين عند النبي: والواقع أننا في الحالة التي لا يكون الوحي فيها منتقلا بطريقة محسة- مسموعة أو مرئية- سنقع في تعريف الوحي تعريفا ذاتيا مسموعة، إذ أن النبي في التحليل الأخير لا يدري بصفة موضوعية كيف جاءته المعرفة وهو يجدها في نفسه مع تيقنه بأنها من عند الله، إن في ذلك تناقضا واضحا يخلع على ظاهرة الوحي كل خصائص المكاشفة [٤٤] ولكن هذه (أي المكاشفة) كما يجب أن نكرر- لا تنتج يقينا مؤسسا على إدراك، ذلك الذي يبدو أنه اليقين المقصود في الآيات التي ورد فيها ذكر الوحي، والتي تتصل بخاصة بإعداد (محمد) - صلى الله عليه وسلم- الشخصي لفهم طبيعة الظاهرة القرآنية" ١ هـ.
وكذلك فعل صاحب [٤٥]"مباحث في علوم القرآن "حين قال: لذلك لا نتفق مع الإمام محمد عنده حين جعل الإلهام وجدانا تستيقنه النفس) .
موقفنا من الفريقين:
ونحن نؤثر التعريف الذي ذكرناه في مقدمة هذا الفصل ونأخذ على تعريف الشيخ محمد عبده ما أخذه عليه غيرنا ونضيف بأن الشيخ:
١- ساق تعريفا غير موضوعي باسم الموضوعية.
٢- ساق تعريفا لا تشهد له نصوص القرآن والسنة ولا وقائع الوحي.
٣- فرق كبير بين "إعلام الله لنبي من أنبيائه "وبين أن يكون الوحي.. عرفانا يجده الشخص من نفسه مع اليقين بأنه من قبل الله، ففي هذا التعريف الأخير إيهام وغموض وفقدان للاتساق بين أوله وآخره.
٤- استعمال كلمة (الشخص) في غير موضعها، لأن النبي ليس كأي شخص.
٥- وصفه الإلهام بأنه وجدان تستيقنه النفس، ولا يقين في الإلهام وقد يلتبس على الإنسان الإلهام بوساوس الشياطين.