من ذلك في مسلم من حديث عبد الله بن زيد:"فمضمض واستنشق واستنثر من ثلاث غرفات"[٢٧٣] . ومنها حديث أبي هريرة عند مسلم أيضاً:"إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر"[٢٧٤] .
معنى الإستنشاق والإستنثار لغة:
جاء في لسان العرب: يستنشق في وضوئه: أي يبلغ الماء خياشيمه وهو من استنشاق لريح إذا شممتها مع قوة وانتشق الماء في أنفه واستنشقه: صبّه فيه.
وأما الإستنثار: فقد حكى عن ابن الأعرابي:"أنه الإستنشاق ". وقال ابن الأثير:" نثر ينثر بالكسر: إذا امتخط. واستنثر: استفعل منه: أي استنشق الماء ثم استخرج ما في الأنف بالنفس "[٢٧٥] .
وقد نقل العراقي عن ابن عبد البر قوله في التمهيد:"إن الإنتثار: دفع الماء بريح الأنف ثم قال: وقد روى ابن القيم وابن وهب عن مالك: قال: الإستنثار أن يجعل يده على أنفه ويستنثر. قيل لمالك: أيستنثر من غير أن يضع يده على أنفه؟ فأنكر ذلك وقال: إنما يفعل ذلك الحمار"[٢٧٦] .
وإذا علم أن وضع اليد على الأنف في حالة الإنتثار مطلوب للمساعدة على كمال الفعل؛ فالأفضل أن تستعمل اليد اليسرى في ذلك. وقد جاء في الحديث الصحيح "كانت يده صلى الله عليه وسلم اليسرى لخلائه وما كان من أذى "[٢٧٧] كما روى البيهقي بإسناده الصحيح عن عليّ رضي الله عنه في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ".. فأدخل يده في الإناء فملأ فمه فتمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى يفعل ذلك ثلاثا "[٢٧٨] .
وقد ترجم النسائي لذلك فقال: بأي اليدين يستنثر؟ ثم ذكر حديث علي السابق مختصراً. وقال في آخره:"هذا طهور نبي الله صلى الله عليه وسلم "[٢٧٩] .
أما الإستنشاق فيكون باليد اليمنى كالمضمضة؛ فقد جاء في حديث عثمان رصي الله عنه:".. ثم أدخل يمينه في الوضوء فتمضمض واستنشق.. ثم قال في آخره: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا "[٢٨٠] .