للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣- كل من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فيه المضمضة ومداومته صلى الله عليه وسلم عليها دليل على وجوبها لأن فعله يصلح أن يكون بياناً وتفصيلاً للوضوء المأمور به في كتاب الله تعالى [٢٥٧] .

ونوقش هذا الإستدلال بأن مجرد المواظبة لا تصلح دليلاً على الوجوب إلا إذا حفّت بها قرائن تفيد أن هذا الفعل مطلوب على سبيل الحتم والإلزام وقد واظب صلى الله عليه وسلم على غسل الكفين في ابتداء الوضوء ولم يقل أحد إن غسلهما واجب [٢٥٨] .

كما احتج للحنفية ومن معهم على وجوب المضمضة في الغسل دون الوضوء بعدد من الأدلة من أهمها ما يلي:

١- حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " تحت كل شعرة جنابة؛ فاغسلوا الشعر وأنقوا البشرة " وبما أن للفم بشرة فيجب غسله [٢٥٩] .

وقد أجيب عن هذا الإستدلال: أولاً: بأن هذا الحديث ضعيف لأنه من رواية الحارث بن وجيه وهو ضعيف منكر الحديث. ويجاب عنه ثانياً: بما قاله الخطابي:"من أن البشرة عند أهل اللغة ظاهر الجلد.. وداخل الفم ليس من البشرة كما يجاب "ثالثاً: بأنه على فرض صحته، فإنه يحمل على الإستحباب جمعاً بين الأدلة [٢٦٠] .

٢- كما احتج لهم أيضاً بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه جعل المضمضة والإستنشاق ثلاثاً للجنب فريضة " [٢٦١] .

وقد أجيب عنه: بأنه ضعيف وعلى فرض صحته فإنه يحمل على الإستحباب جمعاً بين الأدلة.

٣- كما احتج لهم ثالثاً: بحديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك موضع شعرة من الجنابة لم يغسلها فعل به كذا وكذا من النار "، قال علي رضي الله عنه: فمن ثم عاديت رأسي وكان يجز شعره ".. حديث حسن. رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن [٢٦٢] فترك جزء ولو يسير ولو كان بمقدار موضع شعرة استحق هذا الوعيد الشديد.