للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال جمهور أهل العلم بمشروعية السواك لكل صلاة، أو عند كل وضوء حسبما بينا سابقاً سواءً كان المرء مفطراً أو صائماً.

والمشهور من مذهب الشافعية: أنه يكره للصائم الإستياك من بعد الزوال إلى غروب الشمس وقال الحنابلة بنفي استحبابه للصائم من بعد الزوال إلى غروب الشمس كذلك. وهل يكره عندهم؛ فيه روايتان بالكراهة وعدمها، كما نفى استحبابه للصائم بعد الزوال كل من إسحاق وأبي ثور.

وقد استدل الجمهور أولاً: بعموم الأحاديث الصحيحة الواردة في الحث على السواك عند كل صلاة، وعند كل وضوء، وكلما دخل بيته.. إلى غير ذلك.

وثانياً: بقوله صلى الله عليه وسلم - عند ابن ماجه - "من خير خصال الصائم السواك "، وبما قاله عامر بن ربيعة:"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم "، قال الترمذي عنه: هذا حديث حسن [٢٤٢] .

وثالثاً: نقل هذا القول عن عدد من الصحابة والتابعين منهم: عمر وعائشة وابن عباس وعروة وابن سيرين والنخعي [٢٤٣] .

أما الفريق الآخر فقد استدل أولاً بحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " قال الترمذي: هذا حديث حسن [٢٤٤] وإزالة المستطاب مكروه كدم الشهيد وشعث الإحرام [٢٤٥] .

وثانياً: بما نقل عن عمر رضي الله عنه من قوله:"يستاك ما بينه وبين الظهر ولا يستاك بعد ذلك"، ونقل هذا القول أيضاً عن عطاء ومجاهد [٢٤٦] وللفريقين أدلة أخرى غير ما ذكرناه ولكنها ضعيفة.

والمختار هو مشروعية السواك للصائم والمفطر أول النهار وآخره لأن بعض أدلتهم نص في الموضوع بخلاف حديث أبي هريرة فإنه ليس نصاً فيه بل غاية ما يفيده استحباب عدم تغير رائحة فم الصائم المستطابة عند الله تعالى. والواقع أن رائحة المنبعثة من فم الصائم لا يزيلها السواك؛ لأنها ناتجة عن خلو المعدة وعمل السواك مقصور على إزالة الرائحة الطارئة على الفم.