للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع: معناه الإستنجاء بالماء. إشارة إلى الجمع بينه وبين الأحجار. فإن الحجر يخفف الوسخ والماء يطهره، وقد حدثني أبو مسلم المهدي؛ قال:"من الفقه الرائق: الماء يذهب الماء ". ومعناه: أن من استنجى بالحجر فإنه لا يزال البول يرشح فيجد منه البلل فإذا استعمل الماء نسب الخاطر ما يجد من البول إلى الماء وارتفع الوسواس انتهى كلام ابن العربي [١٥٤] .

وقال صاحب التحفة:"والحق أن المراد بالإنتضاح في هذا الحديث: هو الرش على الفرج بعد الوضوء، كما يدل عليه ألفاظ أكثر الأحاديث الواردة في هذا الباب " [١٥٥] .

وقال الخطابي في معالم السنن في تعليقه على حديث الحكم بن سفيان الثقفي:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بال يتوضأ- توضأ- ينتضح ".. الإنتضاح ههنا الإستنجاء بالماء وكان من عادة أكثرهم أن يستنجوا بالحجارة لا يمسون الماء ". وقال أيضاً:"وقد يتأول الإنتضاح أيضاً على رش الفرج بالماء بعد الإستنجاء ليدفع بذلك وسوسة الشيطان ". وذكر النووي عن الجمهور:"أن هذا الثاني هو المراد ههنا ". وقال صاحب العون:"قلت: وهذا- إشارة إلى كلام النووي:- هو الحق " [١٥٦] .

ويتأيد ما ذكره النووي من أن الإنتضاح: هو الرش بالماء على الفرج وما يلبسه من السراويل ونحوها بما نقله صاحب التحفة من حديث ابن عباس الذي أخرجه عبد الرزاق في جامعه " أنه شكا إليه رجل فقال إني أكون في الصلاة فيتخيل لي أنه بذكري بللاً. فقال: قاتل الله الشيطان إنه يمس ذكر الإنسان ليريه أنه قد أحدث. فإذا توضأت فانضح فرجك بالماء فإن وجدت فقل هو من الماء ففعل الرجل ذلك فذهب " [١٥٧] وهذا الأثر موقوف على ابن عباس رضي الله عنه لما جاء في سنن البيهقي عن سعيد بن جبير: أن رجلاً أتى ابن عباس فذكره [١٥٨] .