٢- انعقد الإجماع على أن الإجماع السكوتي حجة قطعية في الأمور الاعتقادية فيكون حجة في الفروع العملية من باب أولى.
وقد منع الشيخ الخضري وغيره دعوى الإجماع هذه، لأنه إن كان إجماعا بيانيا فقد بنوا دليلهم الأول على تعذره، وإن كان إجماعا س كوتيا فهو محل النزاع. كما منعوا دعوى انتفاء الإجماع مع شرط البيان من الكل، لأنهم رفضوا هذه الدعوى عند مناقشة النظام في إحالته انعقاد الإجماع [٥١] . وقالوا إن انتشار العلماء وتفرقهم في الأمصار لا يمنع من التساوي في العلم، ووصول الخبر إليهم.
ب- وجهة نظر أصحاب الرأي الثاني قالوا إن السكوت يحتمل أن يكون للتأمل والنظر، ويحتمل أن يكون خوفا وهيبة من القائل أو المقول، كقول ابن عباس. وقد أظهر مخالفة عمر رضي الله عنه بعد وفاته كان رجلا مهيبا فهبته، ويحتمل أن الساكت لا يرى الإنكار في المسائل الاجتهادية بناء على القول بأن كل مجتهد مصيب، وإذا كان السكوت محتملا لهذه المعاني، فلا يكون دليلا على الموافقة فلا ينعقد الإجماع ولا يكون حجة [٥٢] .
ج- وجهة نظر أصحاب الرأي الثالث قالوا: إن غاية ما يدل عليه السكوت مع الاحتمالات التي تقدمت هو الموافقة في الظاهر فيكون حجة ظنية كخبر الواحد لكنه لا يكون إجماعا.
والذي ترجح عندي أن ما سمي بالإجماع السكوتي ليس إجماعا، لأن السكوت ليس صريحا في الموافقة فلا يكون إجماعا لافتقاره إلى عنصر الموافقة الذي هو قيد رئيس في تحقق الإجماع، وليس حجة لأنه اتفاق بعض الأمة، والعصمة من الخطأ إنما ثبتت للأمة كافة وليس لبعضها فلا يكون حجة والله أعلم.
ثانيا: الإجماع البسيط والمركب.
يتنوع الإجماع إلى نوعين: بسيط ومركب، لأن الأمر لا يخلو: أما أن يتفق أهل الإجماع في عصر على حكم واحد لحادثة ما، أو تتعدد الأحكام وينعقد الإجماع على كل حكم منها وهذا ما يسمى بالإجماع البسيط.