للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"إن الأمة الإسلامية في عصور مختلفة قررت أن الإجماع حجة قاطعة حتى كان فقهاء كل عصر ينكرون أشد الإنكار على من خالف رأي مجتهدي السلف، والعادة تقضي أن مثل هذا الاتفاق لا يكون عن مجرد الظنون. بل لابد أن يكون عندهم دليل مقطوعا به، وهذا يدل على أن الأخبار النبوية التي سقناها كانت عندهم مقطوعا بها حتى لم تكن في نظرهم مجالا للظن والاختلاف" [٤٢] .

ب- وجهة نظر القائلين بعدم حجية الإجماع.

عرفنا أن النظّّام وآخرين ذهبوا إلى أن الإجماع ليس حجة شرعية، وأدلتهم تتلخص في الآتي: -

١- أن تحقق الإجماع وثبوته يتوقف على معرفة كل واحد من أهل الإجماع ثم على وصول الواقعة إليهم، ومعرفة رأي كل منهم، وهذا أمر غير ممكن عادة نظرا لانتشارهم في البلدان الإسلامية وبعد المسافة بينهم [٤٣] .

ورُدّ ذلك: بأن معرفة أهل الإجماع والتحقق من شخصياتهم ممكن وذلك بأن يحصي كل حاكم إقليم ما لديه منهم، ويكتب بذلك إلى الحاكم العام سيما وأن من يبلغ درجة الاجتهاد يكون معروفا جدا في كل إقليم بل قد يطير صيته وآراؤه إلى سائر أقاليم الدولة والدول الإسلامية كافة، ثم إن انتشارهم وتفرقهم وبعد المسافة بينهم لا يمنع من وصول الواقعة إليهم، والإطلاع على آرائهم جميعا، وذلك بأن يجمعهم الحاكم في بلدة واحدة كلما دعا الأمر ويسألهم عما يريد أو يكتب إليهم فيستطلع رأي كل منهم.