للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتطهيرهم من الخرافات والبدع والشركيات والضلالات. والعجيب من أمر المسلمين أنه بينما يعوم المعسكر النصراني الصليبي ويقعد لأنباء الحركات والدعوات والشخصيات الإسلامية وترتعد فرائصه لقيامها، ويموج فرحاً بشعوبه ومؤسساته لوأدها وقتل رجالها وقادتها، يبقى المسلمون - إلا من رحم ربك - في غفلة عن ذلك كله وكأن الأمر لا يعنيهم وهذا في أحسن أحوالهم، وهذا إذا لم يستخدموا كما يستخدم المعول في الهدم، أو يصفقوا ببلاهة وسذاجة للهدامين..

يقول العالم الشهيد - سيد قطب - رحمه الله تعالى - عن هياج المعسكر النصراني الصليبي لقتل إحدى هذه الشخصيات الإسلامية التي خلفت الإمام المجدد محمد عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - في إيقاظ المسلمين والعمل على توحيدهم-

يقول: "كنت يومها في أمريكا- أي يوم قتل الشهيد حسن البنا - رحمه الله تعالى - ولم أكن أعط الحركة الإسلامية ولا مرشدها من اهتمامي - ما هو جدير به - ولم أكن أتصور أنها تشكل في بؤرة الشعور الغربي شيئاً يذكر حتى صدمني الواقع من حولي في أمريكا وهزني هزاً فتح أعيني فتحاً ما لم أفطن إليه من قبل".

"لقد شهدت مظاهر الابتهاج والفرح بل والشماتة في كل شيء من حولي في الصحافة، وفي جميع أجهزة الإعلام، ووفي كافة المنتديات، كلها تهلل وتهنئ بعضها بعضاً بالتخلص من أخطر رجل في الشرق فعجبت من هذا الاهتمام به والتقييم لحركته والتتبع الواعي لها إلى هذا الحد الذي لا وجود لمثله في بلادنا نفسها، وعلمت أن في الأمر سراً أكبر يغيب عني يكمن في طبيعة دعوة هذا الرجل، وفي شخصه العظيم الذي لم أحظ بمعرفته على الوجه الأكمل، وأنا أعيش معه في وطن واحد، الأمر الذي لم أستوِ فيه حتى مع المستعمرين، وصممت بعد عودتي من أمريكا أن أعيد بحث الأمر من جديد.." [١٦]