وتصح من كل مكلفٍ، مختارٍ، قاصدٍ كل منهما اليمينَ لا من غيرهما [١٥٢] ، خلافاً لأبي حنيفة [١٥٣] في المكرَه، لأنها عنده يمين مكلفٍ فانعقدت كيمين المختار، وفي السّكران وجهان [١٥٤] بناءً على أنّه هل هو مكلف أو غير مكلف، ويأتي الكلام عليه [١٥٥][١٥٦] .
يمين الكافر
ويصح من الكافر، وتلزمه الكفّارة بالحنث [١٥٧] سواء حنِث في كفره أو بعد إسلامه [١٥٨] .
وبه قال الشافعي [١٥٩] ، وأبو ثور [١٦٠] ، وابن المنذر [١٦١] ، لأن عمر- رضي الله عنه- نذر في الجاهلية أن يعتكفَ في المسجد الحرام، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بنذره [١٦٢] ، ولأنه من أهل القسم [١٦٣] ، بدليل قوله تعالى:{فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ}[١٦٤] .
وقال أبو حنيفة [١٦٥] ، ومالك [١٦٦] ، والثوري [١٦٧] : "لا ينعقد يمينه، لأنّه غير مكلّف"[١٦٨] .
فصل
وحروف القسم ثلاثة [١٦٩] : (باء) وهي الأصل، ويليها ظاهر كـ {بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}[١٧٠] ، ومضمر: كالله أقسم به، و (واو) يليها مظهَرٌ فقط: كوالله، {وَالنَّجْمِ}[١٧١] ، و (تاء) وأصلها الواو، ويليها اسم الله -تعالى- خاصة كـ {َتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}[١٧٢] ، وشذّتا (الرحمن) ، و (ترب الكعبة)[١٧٣] ، ونحوه فلا يقاس عليه.
ويصح قسمٌ بغير حرفِه [١٧٤] : كـ (الله لأفعلنّ) جراً ونصباً [١٧٥] ، لقوله صلى الله عليه وسلم لركانة [١٧٦] لما طلق امرأَته [١٧٧]"آلله ما أردتَ إلاّ طلقةً"[١٧٨] .
ومن لا يحسن العربية إن رفع المقسَم به أو نَصبَه مع الواو فيمين، وأمّا [١٧٩] من يحسنها فليست في حقه يميناً، لأنّه إنّما عَدلَ عن الجرّ إلى جعلِه مبتداً أو معطوفاً على شيءٍ تقدَّم لإرادة غيرِ اليمين [١٨٠] .
وأمّا رفعه أو نصبه بعد الباء أو التاء فيمين لأنّه لحنٌ واللحنُ لا يقاوم النيَّة [١٨١] .