للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وديننا بحمد الله تام كامل مرضيٌّ، قالت تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (١) , وقوله عليه السلام: "ما تركت من شيء يُقرِّبكم إلى الجنَّة ويبعدكم عن النار إلاّ وقد حدَّثْتُكُمْ به" (٢) .

فأيُّ حاجة بنا بعد هذا إلى البدع في الأعمال والأقوال؟ قال ابن مسعود: "اتَّبِعُوا ولا تَبْتَدعوا فقد كفيتم".

واتِّبَاع الشرع والدين متعيِّن، واتّباع غير سبيل المؤمنين بالهوَى وبالظَّنِّ وبالعادات المردودة مَقْتٌ، وبِدْعة. اللهمَّ اصرف قلوبنا إلى طاعتك.

قيل: إن أويساً القَرَني قال لهَرم بن حَيّان: "سَلِ الله أن يُصلح قلبك ونِيَّتَك، فإنّي ما عالجتُ شيئاً عليَ أشد من صلاح قلبي ونِيَّتي".

وفي مُسْلم عن ابن مسعود قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله من نَبيٍّ إلا كان له من أُمَّتِه حواريون، وأنصار يستَنُّونَ بسُنَّتِه، ويَتَّبعون هديَه، ثم يَخْلُف من بعدهم خُلُوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، من جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ليس وراء ذلك من الإيمان حَبَّة خردل".

وفي البخاريّ حديث: "من عَمِل عملاً ليس عليه أَمرُنا فهو رَدّ" ولو كانت البدعة مُستَحَبَّةً لكانت مَقبولة.

وقد أَمَرَ بأشياء لم تكن على عهده صلى الله عليه وسلم، أو لم تُعمل لعدم الحاجة إليها، أو لانتفاء شرط الفعل، ووجود مانعه، مثل: قتال أهل الرِّدةِ، وقتال المجوس، والتُّرْك، وياج، والخوارج، وكأمره بإطاعة أمراء الجور،

والصلاةِ خلفَهم، وكشروط عمر عَلىَ الذِّمَّةِ، وكانَ عليه السلام أَقرَّ يهود خيْبَر لفِلاَحَتِها بلا جَزية، ثمَّ أجلاهم عمر، وضرب عليهم الجزية.

وكذا نزول ابن مريم حكما عدلاً، فيكسر الصَّليب، ويقتُل الخنزير، ويضع الجزية، وإنَّما يفعل ذلك بأمر نبينا صلى الله عليه وسلم.