للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرشيد لمح إبراهيم زبيلا يدلى من القصر الملكي وقد أعد للركوب فما نشب أن جلس فيه ثم رُفع به.. وهناك واجه جواري جلوسا فلما فوجئن به تبادرن إلى الحجاب.. وقضى معهن وقتا ملأه بالضحك والطعام والشراب، وغنت ثلاث منهن، ثم كشف لهن عن نفسه فرفعن الحجاب، فأقام عندهن أسبوعا على هذا النحو ثم أدلينه بالزبيل وأخذ طريقه إلى الرشيد، فلم ينج من عقوبته إلا بسرد قصته مع الجواري، فألزمه الرشيد أن يُحضرَه مجلسهن. وفي الموعد المضروب أقبل إبراهيم فركب الزبيل إليهن، وعند الانصراف عرض عليهن أن يأتيهن بأخ له على أن يستترن منه ولا يتكلمن بحضرته فوفين بذلك تماما، حتى إذا جاء الموعد التالي جاء الرشيد معه متخفيا.. يقول الموصلي:

وشربنا كثيرا فلما أخذ منه النبيذ قال ساهيا: يا أمير المؤمنين ... فتواثبن من وراء الستار حتى غابت عنا حركاتهن.. وانطلت الخدعة على الرشيد فوهب له مئة ألف درهم، ومن ثَم جعلت الجواري يُهدين إلى الموصلي الألطاف/ ٢٤٥.

وهنا لابد من التساؤل: ذلك الزبيل.. لمن كان معدا قبل مغامرة الموصلي بركوبه؟!!.

والقصة مطبوعة باللون المألوف في حكايات ألف ليلة وليلة، وفي تضاعيفها ما يدل على افتعالها

لمجرد التسلية أو لغرض التشويه.. وعلى أساس أمثالها رَفَع قَصاصو الغرب بناء مسرحياتهم وتمثيلياتهم السينمائية عن أخبار عصر الرشيد وعن قصور الحريم التي تفننوا في تصويرها وعرضوها ولا يزالون.

وإلا فأين غيرة الرشيد وجبروته وهو الحاكم المطلق الذي كان يقذف بالعشرات من الرجال إلى السيف والنطع لمجرد معارضتهم حكمه؟! فكيف به يتخلى عن هذه الغيرة في هذه المواقف التي لا يصبر عليها ذو مروعة!!.

ثم لماذا يؤثر التسلل إلى قصره عن طريق الزبيل وكان في وسعه أن يأمر الموصلي بأداء دوره في زيارة الجواري ثم يفاجئهن بشخصه ومن حيث لا يتوقعن!!.