للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأين التفسير المذكور الذي نسب إلى هؤلاء التابعين المفسرين بأنهم فسروا القرآن بشكل تعسفي خالص لا يقوم على أساس من المأثور. إنهم أركان التفسير بالمأثور وما ورد عنهم من مراسيل فإن صحت من طرق عن التابعين فإنها تقوي بعضها بعضاً، ولوتتبعنا كتب التفسير بالمأثور لرأينا ألوف الروايات التفسيرية المنقولة عن هؤلاء التابعين، وأختم هذه المسألة بأن ما نقل عن أبي إسحاق النظّام وقع فيه المعتزلة جميعاً فتفسيرهم لا يقوم على أساس من المأثور وكتبهم تشهد بذلك ويناسب أن نقول للنظّام ومن تبعه من المستشرقين في نيله من كبار التابعين المفسرين: (رمتني بدائها وانسلت) .

أرأيت الذي ينكر جهود أساطين التفسير؟ فهذا سعيد بن جبير يرحل من الكوفة إلى مكة المكرمة ليسأل ابن عباس رضي الله عنهما عن تفسير آية، فلو كان من أهل الرأي لفسر برأيه وأراح نفسه ولم يتجشم مشقة السفر آنذاك.

١٤- هذا وقد أخطأ أ. سزكين في استدلاله بسؤالات نافع بن الأزرق لابن عباس أن التفسير اللغوي الخالص للقرآن الكريم بدأ بإجابات ابن عباس على أسئلة نافع بن الأزرق فقال: ويبدو أن محاولات التفسير اللغوي الخالص للقرآن الكريم بدأت بإجابات ابن عباس على أسئلة نافع بن الأزرق أحد زعماء الخوارج.

وأقول أن هذا الاستدلال لا يقوي ما ذهب إليه أ. سزكين لأن هذه الأسئلة لم تثبت، فقد وصلت إلينا بواسطة الطبراني في ((المعجم الكبير)) ، وابن الأنباري في كتابه ((الإيضاح في الوقف والابتداء)) ، والسيوطي في كتابه ((الإتقان في علوم القرآن)) ،

وكل هذه الطرق ضعيفة جداً، فما أورده الطبراني من طريق جويبر وهو متروك كما في التقريب لابن حجر، وما أورده ابن الأنباري من طريق محمد بن زياد اليشكري وهو كذاب يضع الحديث، وما أورده السيوطي من طريق عيسى بن دأب: وهو منكر الحديث ويضع الحديث، فكلها طرق تالفة لا تصلح للاستشهاد والاستدلال.