للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقلت بعض المصادر أن أبا العباس ابن سريج ينظم الشعر بل سريع البديهة في ذلك كما هو الحال في موقفه مع أبي بكر محمد بن داود كما سنرى قريباً.

وهذا بيان لبعض ما ذكر من شعره:

أولا: شعره في الرد على أبي بكر محمد بن داود الظاهري:

إذ أنشد قائلا:

فذبت أمنعه لذيذ سنانه

وساهر بالغنج من لحظاته

وأكرر اللحظات في وجناته

مننا بحسن حديثه وعتابه

ولى بخاتم ربه وبراته

حتى إذا ما الصبح لاح عموده

ثانيا: ما روي عنه أنه ركب شعرا في دخول "لو": تركيبا غير عربي فقال:

أجاوبه أن الكلاب كثير

ولو كلما كلب عوى ملت نحوه

قليل فإني بالكلاب بصير

ولكن مبالانى بمن صاح أو عوى

والذي عاب على أبي العباس ابن سريج هذا التركيب هو الشيخ أبو حيان رحمه الله وقد أجاب السبكي في طبقاته على أبي حيان بقوله:

"لم يبين الشيخ أبو حيان وجه خروج أبي العباس عن اللسان في هذا التركيب الشعري. فإن أراد تسليطه حرف "ولو"على الجملة الاسمية فهو مذهب كثير من النحاة منهم الشيخ جمال الدين بن مالك. جوزوا أن يليها اسم ويكون معمول فعل مضمر ففسر بظاهر بعد الاسم".

ثم أضاف قائلا: وقال في التسهيل: "وإن وليها اسم فهو معمول فعل مضمر مفسر بظاهر بعد الاسم، وربما وليها اسمان مرفوعان".

ومثال ما إذا وليها اسم: ما روي في المثل من قولهم "لو ذات سوار لطمئني"وقول عمر ابن الخطاب رضي الله عنه "لو غيرك قالها يا أبا عبيدة".

وقال الشاعر:

عتبت ولكن ما على الدهر معتب

أخلان لو غير الحمام أصابكم

وقال شاعر آخر:

أدنى الجواز إلى بنى العوام

لو غيركم علق الزبير بحبله

وقال آخر:

جعلت لهم فوق العرانين ميسما

فلو غير أخوالي أرادوا نقيصتي

فالأسماء التي وليت "لو"في هذا كله معمولة لفعل مضمر يفسره ما بعده، كأنه قال:

ولو لطمتني ذات سوار لطمتني. وكذا نقول في قول ابن سريج: "ولو كلما كلب"المعنى ولو كان كلما كلبا عوى.