للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الوجهين نظر، لأنّ "لا "عند سيبويه وجمهور البصريين لا عمل لها في الخبر إذا بني الاسم معها. وقولك لا رَجُلَ حاضرٌ، بمثابة: هل مِنْ رجلٍ حاضر؟ الجواب كالسؤال.

واستدل لذلك ابن عصفور في شرحه للإيضاح بجواز حمل جميع التوابع لاسمها على الموضع قبل الخبر.

والقائل إن "لا"ترفع الخبر الأخفش وتابعوه.

وبنى ابن عصفور على الاختلاف جواز: لا رجلَ ولا امرأة قائمان. على القول

الأول، وامتناعه علىَ الثاني. مع أن كلام أبي البقاء في اللباب، وابن يعيش في شرح المفصل ما يوهم أن خلاف سيبويه والأخفش في "لا"مطلقا المبني معها الاسم والمعرب، حيث عللا مذهب سيبويه بضعف عمل لا.

ولكن ابن مالك في التسهيل نقل الاتفاق على عمل "لا"في الخبر إذا كان اسمها معربا، واختار قوله الأخفش فيما إذا بني الاسم معها.

ورتب أبو البقاء على الخلاف أن قوله الشاعر:

فلا لَغْوٌ ولا تأثيم فيها

وما فاهوا به أبداً مُقيم

لا يحتاج إلى تقدير "فيها"عند سيبويه، بل الثابت "فيها"خبر الاثنين، ويحتاج لتقدير "فيها"أخرى عند سيبويه في أحد قوليه، وعند الأخفش.

وكنت عرضت هذا النظر على شيخنا أبي حيان فقال: كلام ابن الضائع محمول على مذهب من يرى أنها عاملة في الخبر مطلقا. ثم اعترض عليه من وجه آخر، وهو أنه يلزم أن تعمل "لا" في المعرفة. وهذا إن تم به الاعتراض على الأخفش فسيبويه سالم منه، حيث يقول إن "لا"لا عمل لها في الخبر.

على أن ابن عمرون حين نقل هذا الإِعراب عن الزمخشري في الحواشي، ردّه بأن المعرفة لا تكون خبراً عن النكرة. فيقال له هذا لا يضر سيبويه إذا كان مع النكرة ما يسوغ الإخبار عنها، وهي متقدمة على المعرفة حفظا للأصول، وقد أعرب: كم جربيا أرضك؟ مبتدأ مقدما وخبرا مؤخرا.