للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويصير المعنى: لا إلهَ غير الله في الوجود. وقد جاء {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (١) بالوصف، لكنّ الخبر المحذوف قدّره بعضهم "في الوجود"، وقدّره بعضهم "كائن"، وبعضهم "لنا".

قيل والتقديران الأولان أولى من حيث كونه أدل على التوحيد المطلق من غير تقييد. ولذلك جاء {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} وأعقب بقوله {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} (٢) .

وقد يقال إذا قدِّر "لنا"فالمراد لنا أيها العالَم الذي هو كل موجود سوى الله عز وجل، فاتحدت التقادير.

وقد ردّ الإمام فخر الدين على من قدر الخبر "في الوجود"لأن هذا النفي عام

مستغرق، فتقييده بالوجود مخصص، فلا يبقى النفي على عمومه المراد منه، فلا يكون هذا إقرارا بالوحدانية على الإطلاق.

قال الأندلسي: "لا إله حقيقة إلا من له الخلق والأمر، لابد أن يكون موجودا فينعكس بعكس النقيض فما ليس موجودا ليس بإله. والمراد بقوله "في الوجود"مسمى الوجود الصادق على العيني والذهني، فنفي الإله عن الوجود نفي لحقيقته".

وفي ريّ الظمآن: "لا يتصور نفي الماهية عندنا إلا مع الوجود. هذا مذهب أهل السنة، خلافا للمعتزلة فإنهم يثبتون الماهية عارية عن الوجود، والدليل يأبى ذلك".

رابعها: أن يكون الاستثناء مفرغا، و"إله "اسم "لا"بني معها، و"إلاّ الله "الخبر.

وهذا منقول عن الشلوبين فيما علّقه على المفصل، ونقله عن الزمخشري في حواشيه ابن عمرون، وإن كان في المفصل قال غيره، وذهب إلى أن الخبر محذوف.

ومقتضى كلام ابن خروف، على ما نقله عنه ابن الضائع قول الشاعر:

ألا طعان ألا فُرسانَ عاديةً

ألا تجشّؤُكم حوَلْ التنَّانير

من أنه أعرب (إلاّ تجشؤكم) خبر لا، لكن ردّه عليه بوجهين، أحدهما: أن "لا"لا تعمل في الموجب. الثاني: أنها لا تعمل في الموجب مع المعرفة، وهما لازمان لإعراب "إلاّ الله "خبرا.


(١) سورة الأعراف آية: ٥٩ وغيرها.
(٢) سورة البقرة آية: ١٦٣.