للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانقلبت الأوضاع في الثغور عام ٣١٣ هـ. فقد تأكد للروم ضعف المسلمين وانشغالهم بحركة القرامطة، وقد عاد مؤنس لحربهم. فكتب ملك الروم إلى أهل السواحل والثغور يأمرهم بحمل الخراج إليه، وإلا قصدهم، فقتل الرجال، وسبى الذرية، وقال: "إنني صح عندي ضعف ولاتكم ". ولما لم يفعلوا، هاجمهم الدمستق، ودخل ملطية عام ٣١٤ هـ، ومعه مليح الأرمني صاحب الدروب، وعاثوا فساداً، في بلاد الإِسلام، وطلبت ملطية الغوث من بغداد، فلم يغاثوا [١٢٣] . ولكن أهل طرسوس تحركوا للانتقام، فغزوا الصائفة، فغنموا وعادوا [١٢٤] ، وأخذت الأنظار تتجه إلى طرسوس لإغاثة الثغور. وعندما هاجم الروم سميساط عام ٣١٥ هـ، ودخلوها، واستباحوها، وضربوا الناقوس في الجامع، وأخذوا جميع ما فيها [١٢٥] ، هب أهل طرسوس للجهاد، وخرجت سرية منهم إلى بلاد الروم، ولكن الروم استظهروا عليها، وأسروا من المسلمين أربعمائة رجل قتلوهم صبراً. فغزا شمال الصائفة، وانتقم من الروم وعاد سالماً إلى طرسوس [١٢٦] . كما أمر المقتدر مؤنس أن يخرج لقتال الروم، وكان خروجه يوماً مشهوداً إلى بلاد الثغور [١٢٧] ، ولكن مؤنساً عاد إلى بغداد قبل أن يصل الثغور، لاشتداد أذى القرامطة، حيث هاجموا بيت الله الحرام، وانتزعوا الحجر الأسود من مكانه عام ٣١٧ هـ[١٢٨] وهكذا بقيت الثغور بدون غوث من الخلافة، فضغط الروم على المسلمين ودخلوا ملطية، وعاشوا فساداً في ثغور أرمينيه [١٢٩] ، فعزمت الثغور الجزرية على طاعة ملك الروم، ولكن مفلح الساجي أعاد الثقة إلى النفوس حين التقى مع الدمستق وهزمه عام ٣١٧ هـ، ودخل وراءه إلى بلاد الروم [١٣٠] ، كما قام ثمل والي طرسوس في ربيع الأول عام ٣١٩ هـ، بغزو الروم، فعبر نهراً، ونزل عليهم ثلج إلى صدور الخيل، ولم يثنهم ذلك عن الجهاد، وانتصروا على جمع للروم، فقتلوا ستمائة، وأسروا نحواً من ثلاثة آلاف. وفي رجب من السنة نفسها عاد ثمال إلى طرسوس، ودخل بلاد الروم صائفة في