ومن نتائج هذا الغزو الرائع، أرسل إمبراطور الروم إلى المكتفي يطلب الفداء، وقد ضم الوفد الذي أرسله خال ولده اليون، وبسيل الخادم، ومعهم جماعة، وكتاب إلى المكتفي يسأله الفداء، وأن يوجه المكتفي رسولاً إلى بلاد الروم، ليجمع أسرى المسلمين فِى بلاده، وليجتمع هو معه على أمر يتفقان عليه، وتخلف بسيل الخادم بطرسوس، ليجمع الأسرى من الروم في الثغور ليصيرهم مع صاحب السلطان إلى موضع الفداء. وأجيب صاحب الروم إلى ما سأل [١٠٤] . وتم الفداء بالفعل في ذي القعدة من عام ٢٩٥ حد قبلَ وفاة المكتفي بقليل، وقام به مؤنس الخادم، واستنقذ المسلمون نحواً من ثلاثة آلاف من أسراهم [١٠٥] .
وبوفاة المكتفي عام ٢٩٥ هـ، انتكست الخلافة مرة أخرى، زمن المقتدر [٢٩٥-٣٢٠] ، وكان صغير السن، ووقع بين تنافس قادة الأتراك، وألاعيب النساء، ورغم ذلك فقد اهتم المقتدر بالثغور، ففي شعبان من عام ٢٩٦ هـ خلع على مؤنس الخادم، وأمره بالمسير إلى طرسوس لغزو الصائفة، فخرج في عسكر كثيف، ومعه جماعة من القواد، وغلمان الحجر [١٠٦] ، وقام عام ٢٩٧ هـ بغزو الروم عن طريق ثغر ملطية، ومعه أبو الأغر السلمي، وظفر بالروم، وأسر منهم [١٠٧] ، فطلب الروم المفاداة، ففادى مؤنس الأسارى عام ٢٩٧ هـ[١٠٨] .
وفي عام ٢٩٨ هـ، غزا القاسم بن سيما بلاد الروم، ورجع إلى بغداد بأسارى، بأيديهم أعلام عليها صلبان، وحاول الروم أن يقصدوا اللاذقية بحرا [١٠٩] ، فردّ رستم أمير الثغور بأن غزا الصائفة ومعه دميانة (غلام زرافة) من ناحية طرسوس، وحصر حصن مليح الأرمني، ثم دخل بلده، وأحرقه [١١٠] .