وسألت ثقيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدع الطاغية وهي اللات، لا يهدمها، ثلاث سنين فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما برحوا يسألونه سنة سنة، ويأبى عليهم، حتى سألوه شهراً واحدا بعد قدومهم، فأبى عليهم أن يدعها شيئاً مسمى. وإنما يريدون بذلك فيما يظهرون أن يسلموا بتركها من سفهائهم ونسائهم وذرياتهم ... فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يبعث أبا سفيان ابن حرب والمغيرة بن شعبة يهدمانها [٦٦] ، وعن عثمان بن أبي العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مسجد الطائف حيث كان طاغيتهم [٦٧] .
قال ابن جرير [٦٨] : "وكانوا قد استقوا اسمها من اسم الله فقالوا: اللات يعنون مؤنثة منه تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً. وروى بأسانيده إلى قتادة، وابن عباس ومجاهد وابن زيد، إن اللات بتشديد التاء رجل كان يلت السويق للحاج فمات فعكفوا على قبره فعبدوه.
وقال الإمام البخاري: حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا أبو الأشهب، حدثنا أبو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: اللات والعزى. "كان اللات رجلا يلت سويق الحاج" [٦٩] .
ولما كانت فتنة القبور والأوثان من باب واحد، والرباط بينها وثيق جداً حيث إن الأوثان والأنصاب إنما نحتت وصورت وعبدت حبا وغلوا في الصالحين كما فعل قوم نوح بود وسواع ويغوث ويعوق ونسر لأنهم رجال صالحون كذلك إنما شيدت القبور وشدت إليها الرحال وقدمت لها القرابين حبا وغلوا في رجال صالحين وفي أقوامٍ اللهُ أعلم بأحوالهم وبمآلهم.