للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما جاء في تفسير ابن كثير لهذه الآية: "وهذه الآية نزلت في الصدّيق رضي الله عنه حين حلف أن لا ينفع مسطح بن أثاثة بنافعة أبداً بعد ما قال في عائشة رضي الله عنها ما قال ... فلما أنزل الله براءة عائشة أم المؤمنين في ذلك، وأقيم الحد على من أقيم عليه شرع تبارك وتعالى -وله المنة والفضل- يعطّف الصدّيق على قريبه مسطح، وكان ابن خالة الصدّيق، وكان مسكينا لا مال له إلا ما ينفق عليه أبو بكر رضي الله عنه، وكان من المهاجرين في سبيل الله، وقد زلق زلقة تاب الله عليه منها وضرب الحد عليها، فلما نزلت هذه الآية إلى قوله: {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُم} الآية ... فعند ذلك قال الصدّيق: "بلى والله إنا نحب أن تغفر لنا يا ربنا ثم رجع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة وقال: "والله لا أنزعها منه أبدا ... ". اهـ تفسير ابن كثير مع حذف بعض الكلمات والجمل.

وهذا الاستفهام {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُم} يفيد التعطيف؛ تعطيف أبي بكر رضي الله عنه على ابن خالته مسطح بعد أن تاب ونال العقاب، ويفيد أيضاً الترغيب ترغيب أبي بكر رضي الله عنه في مغفرة الله الغفور الرحيم برجع ما كان يصل به مسطحاً من نفقة. والآية تعم كل من كان متصفاً بهذا الوصف الذي تضمنته هذه الآية الكريمة وإن كان سبب نزولها خاصا.

والذي دل على أن (ألا) في {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُم} ليست للتحضيض، وإنما هي همزة الاستفهام دخلت على (لا) النافية، الذي دل على ذلك هو جواب الصديق رضي الله عنه بقوله: (بلى) , و (بلى) لا يجاب بها إلا النفي.

الاستفهام السادس: (ألا تستمعون) وقد جاء في قوله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ} الآيات: (٢٣-٢٥) من سورة الشعراء.