بقي من صيغ همزة الاستفهام الداخلة على (لا) النافية للفعل المضارع صيغ لم ترد في القرآن الكريم إلا مرة واحدة، وها أنا ذي أقدمها إليك (بحسب ورودها في القرآن الكريم) في الاستفهامات التالية:
الاستفهام الأول:{أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ} وقد جاء في قوله تعالى: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ} . الآية (٥٠) من سورة الأنعام.
تتضمن هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: لا أقول لكم عندي خزائن الله التي منها يرزق ويعطي، فالرزق والعطاء بيد الله لا بيدي.
وهذا رد على ما كانوا يقولونه له وهو:"إن كنت رسولا من عند الله فاطلب منه أن يهب لنا الغنى ويذهب عنا الفقر".
وقل يا محمد لهم:"لا أقول لكم إني أعلم الغيب".
وهذا رد على قولهم له: إن كنت رسولا من عند الله فأخبرنا بما ينفعنا وما يضرنا فنعمل على تحصيل المصالح ودرء المضار.
وقل يا محمد:"لا أقول لكم إني ملك".
وهذا رد على قولهم ما لهذا الرسول يأكل ويمشى في الأسواق.
وقل يا محمد لهم: لا أتبع إلا ما يوحيه الله إليّ، ولا يستوي الذي عمي عن آيات الله وما جاء به الوحي والذي أبصر آيات الله واتبع ما جاء به القرآن، أفلا تتفكرون.
وهذا الاستفهام {أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ} استفهام إنكار وتوبيخ؛ إنكار على هؤلاء المشركين, وتوبيخ لهم أن لا يكون لديهم تفكر في الأمور وتبصر فيدركوا أن ما جاء به الوحي هو الحق، وأن ما هم عليه من الشرك هو الباطل.