للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتضمن هذه الآيات الكريمة أن جماعة من الملائكة أرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى إبراهيم عليه السلام، فجاءوه ضيوفاً في صور بشرية جميلة، فلما دخلوا عليه حيّوه وقالوا سلاما، فردّ عليهم التحية قائلا لهم: سلام أيها القوم الذين لم نعرفهم من قبل، وما لبث أن ذهب إلى امرأته مسرعاً لتعدّ لهم طعام الضيافة، وعاد به إليهم مسروراً بإكرامهم يحمل عجلاً سميناً مشويّاً، وقرّبه إليهم، ولكنه رأى أيديهم لا تمتد إليه، فأنكر ذلك منهم وقال مستغربا: مالكم لا تأكلون؟!! ولكنهم ظلوا ممسكين عن تناول طعامه، فأحس بالخوف منهم وبدت عليه علاماته، فقالوا -وقد رأوا ذلك منه-: لا تخف، وبشروه بغلام سيكون على جانب عظيم من العلم.

وقد رأيت أن الاستفهام في قوله: {أَلا تَأْكُلُونَ} قد جاء للإنكار والاستغراب: أنكر إبراهيم عليه السلام على ضيوفه أن لا يأكلوا من طعامه، واستغرب ذلك منهم، وحق له أن ينكر ويستغرب، فقد كان طعاماً شهياً فيه سخاء وكرم، وما كان يعرف حينئذ أنهم ملائكة لا يأكلون ولا يشربون.

أما الصيغة العاشرة: فهي (أفلا تسمعون) , وقد وردت في آيتين اثنتين:

الآية الأولى: قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ} . الآية (٧١) من سورة القصص.

تتضمن هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى قال لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك: أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل دائما مستمرا لا يعقبه نهار إلى يوم القيامة من إله غير الله المعبود بحق يأتيكم بالنهار فتقدرون في ضوء شمسه أن تبتغوا من رزقه الواسع وتذهبوا في وجوه المعاش كل مذهب.