تتضمن هذه الآيات الكريمة أن إبراهيم عليه السلام قال لأبيه وقومه الذين كانوا يعبدون الأصنام، قال لهم منكرا موبخا: ما هذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله؟!! إن عبادتكم لغير الله إفك، وإن الآلهة التي تعبدونها من دون الله لباطل. ثم ما ظنكم أن يفعل بكم رب العالمين وقد عبدتم غيره؟!!.
وحين أرادوه على أن يخرج معهم إلى عيد لهم ليشاركهم فيه نظر نظرة في النجوم فقال: إني سقيم، فتولوا عنه مدبرين خائفين من أن تصيبهم عدوى مرضه، وتركوه وحده في بيت أصنامهم، وتركوا وراءهم في ذلك البيت الطعام الذي أتوا به ليأكلوه إذا رجعوا من عيدهم بعد أن تصيبه بركة الأصنام فيما يزعمون، فأقبل إبراهيم على أصنامهم هذه يخاطبها مخاطبة من يعقل؛ لأنهم أنزلوها تلك المنزلة، فقال ساخراً مستهزئاً: مالكم أيها الأصنام لا تأكلون؟! طعام كثير لذيذ شهي!!.
ولما كانت الأصنام لا تعقل ولا تنطق -ومن أين لها العقل والنطق؟! - عاد إبراهيم عليه السلام يقول ساخرا زاريا: مالكم لا تنطقون، مالكم لا تجيبون؟! أيّ آلهة أنتم؟! إن كنتم آلهة حقاً وصدقاً فادفعوا عن أنفسكم ما أنا فاعل بكم، وراحت يده اليمنى تهوي على رءوسهم بفأسه القوية ضرباً ملؤه الغيظ والكراهية لآلهة الباطل.
والاستفهام - كما رأيت - في قوله:{أَلا تَأْكُلُونَ} استفهام سخرية واستهزاء وزراية.