مشهد ينبههم لمستقبلهم يوم يجمع الله الخلائق ويحشرهم حفاة عراة. مشهد تذوب فيه فوارق الجنس والعنصر واللون وتتجلى فيه وحدة الأصل (كلكم لآدم وآدم من تراب) . مشهد تفتح له حدود الأقاليم والأقطار والدول:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} .
مشهد تلتقي فيه الأشباح وتتعانق فيه الأرواح {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} .
جـ - وفي منى يلتقي الجميع على موائد الهدى والإخلاص فيأكلون ويطعمون {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} .
أمانة الدعوة: ومن هناك يتحملون أمانة الدعوة والبلاغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث حملها أصحابه لمن بعدهم: "بلغوا عني ولو آية". "رب مبلغ أوعى من سامع". فيرجع الحجاج بمثابة السفراء إلى بلادهم الدعاة إلى ربهم وقد تعارف كل منهم على الكثيرين من إخوانهم ووثقوا عرى الأخوة والولاء، قد ينتج عنها زيارة وصلة ونحو ذلك.
الاجتماعيات:
وكما ظهر مدى التضامن والوحدة في العبادات يظهر كذلك وبقوة في مجال الاجتماعيات لأن الإسلام أقام المجتمع الإسلامي على قواعد مثالية عالية ترتفع عن مقاييس المادة والمعاوضة إلى حد البذل والإيثار.
أ- ففي أصل تكوين المجتمع توجد المساواة في المبدأ:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} . ففيها وحدة الإنسانية جمعاء.