للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أ- فهي تضامن إلزامي يربط مختلف الطبقات بعضها ببعض ويقارب بين من باعدت بينهم المادة ويجمع بين من فرق بينهم الغنى والفقر حيث يلتزم الغني بإخراج زكاة ماله: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} . {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِم} .

فالزكاة طهرة للنفوس من شح الأغنياء وحسد الفقراء، وزكاة للمال فلا تنقص وتصون المجتمع من حرب الطبقات وغزو الدعايات.

أما الحج وهو الركن الأعظم:

فهو عين التضامن ومظهر الوحدة في أظهر الصور وأقوى المعاني يفد الحجيج من كل فج عميق ملبين الداعي لحج بيت الله العتيق. مجددين العهد القديم مستجيبين نداء إبراهيم- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- يخرج الحاج من أهله ودياره مفارقا زوجه وصغاره حتى يأتي الميقات فيتجرد من ثيابه متخليا عن مظاهر دنياه. مُتدثرا رداءه وإزاره متهيأ لحال أخراه.

هناك يعود الحجيج على مختلف ألوانهم وتباعد أقطارهم وتعدد لغاتهم يعودون إلى الفطرة التي فطرهم الله عليها. وتعود إليهم فطرتهم التي ابتعدوا عنها فطرة الوحدة والإخاء والمساواة. فيستوي غنيهم وفقيرهم وأميرهم ومأمورهم. ويستوي عربيهم وعجميهم. وقاصيهم ودانيهم وحدة في الشكل والصورة ووحدة في الهدف والغاية يهتفون لبيك اللهم لبيك.

ب- وفي أرض عرفات في ذلك المشهد الفريد في تاريخ البشرية حاضرها وماضيها حواضرها وبواديها. مشهد يذكر بالماضي في عالم الذرة، حين أخرج الله من بني آدم من ظهورهم ذريتهم {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} .