هو محمد بن يحيى بن هشام الخضراوي الأنصاري الخزرجي الأندلسي، وكنيته أبو عبد الله، ولد سنة ٥٧٥ هـ[٩] بالجزيرة الخضراء التي نسب إليها والتي تحدث عنها ياقوت الحموي [١٠] بقوله:
هي مدينة مشهورة بالأندلس، وقبالتها من البَرِّ بلاد البربر ((سبته)) وأعمالها متصلة بأعمال شذونه وهي شرقي شذونه وقبلي قرطبة، ومدينتها من أشرف المدن وأطيبها أرْضَا، وسحرها يضرب به ماء البحر، ولا يحيط بها البحر كما تكون الجزائر لكنها متصلة ببر الأندلس ... ومرساها من أجود المراسي وبين الجزيرة وقرطبة خمسة وخمسون فرسخا، وهي على نهر برباط ... الخ)) .
وقد تحدث العلماء عن مكانته العلمية فقالوا: إنه كان رأساً وأستاذاً في العربية بعامة والنحو بخاصة فقد تلقى تعليمه عن أساتذة أفذاذ أمثال عمر بن عبد المجيد الرندي [١١](بضم الراء) وعلي بن محمد بن يوسف [١٢] ومصعب بن محمد بن ذرّ الخُشْني [١٣] وأخذ القراءات عن والده [١٤] كما أفاد منه وتتلمذ عليه من كان لهم شأنهم مثل عمر بن محمد المعروف بالشلوبين والذي لقب بالأستاذ [١٥] وغيره من الذين نهلوا من علمه.
وقد ترك عدداً لا بأس به من المصنفات دلَّت على المكانة المرموقة التي يتمتع بها هذا العالم وهي: فصل المقال في أبنية الأفعال، المسائل النخب، الإفصاح بفوائد الإيضاح، الاقتراح في تلخيص الإيضاح، شرح الإيضاح، غرر الإصباح في شرح أبيات الإيضاح، النقض على الممتع لابن عصفور، وله نظم ونثر وتصرف في الأدب ... ((وقد وافته المنية بتونس ليلة الأحد رابع عشر جمادى الآخرة سنة ٦٤٦ هـ بعد حياة حافلة بالعطاء والعلم والمعرفة)) [١٦] .
والقارئ لكتب النحو المختلفة يجد حشدا من آرائه النحوية التي تحمل سمات شخصيته ومذهبه النحوي، فهناك آراء تفرَّد بها وآراء وافق فيها البصريين والكوفيين، وآراء وافق فيها العلماء قبله وآراء كانت موضع نقد من العلماء ويتمثل كل ذلك فيما يلي: