للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها ما يتجه لتكوين الأسنان، فلا يتجه إلا القدر المناسب لتكوين سن أو ضرس، لأن شكل الأسنان غير شكل الأضراس، نظرا لاختلاف منافعها، من طحن، وقطع، وزينة، ومنها ما يتجه إلى عمل العين، فلا يتجه إلا القدر الكافي لإنشائها، ثم إلى المكان المعد لتركيبها، ووجودها فلا تتجه خلية العين، إلى الظهر، أو البطن، أو القدم، وهكذا كل جزء أو خلية من تلك النطفة يتجه إلى إنشاء العضو الذي قدر له تكوينه، من أذن، أو لسان، أو حاسة شم، أو غير ذلك من أعضاء الجسم، وأعقد ذلك وأصعبه في نظر الإنسان التخصصات المتصلة بالجهاز الداخلي، كالقلب، والمعدة، والكبد، والطحال، والرئة، والمثانة، والأمعاء ... والمدهش حقا اتجاه المقدار المناسب للعضو المراد تكوينه، فلا زيادة ولا نقصان، ثم اتجاه ذلك الجزء أو الخلية إلى المكان الذي قدر أن يكون فيه ذلك العضو، فلا يخطئه ولا يتعداه، والسؤال هو: من الذي هدى هذه النطفة إلى القيام بهذه الأعمال التي تعجز المتخصصين في علم الحياة؟؟.

هل لديها القدرة الكافية على تخليق هذا الإنسان؟ وإذا كان كذلك، فكيف بعد أن تكون إنسانا سميعا بصيرا عاقلا، يعجز هذا الإنسان عن خلق بعوضة أو ذبابة؟؟.

وصدق الله العظيم إذ يقول: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (لقمان /١١) .

في ظلمات ثلاث: والأعجب من ذلك أن هذا الخلق المعقد، والتركيب المشتبكة فيه الأعضاء بعضها ببعض يتم في ظلمات ثلاث كما عنه القرآن الكريم، وبين أن القادر على ذلك هو الرب الذي ينبغي أن يُعبد وحده، فلا إله غيره، ولا رب سواه إذ الإنسان لا يملك من أمر هذا الوجود شيئا.