إن من يتأمل في هذه الآيات يلمس منها أن طريقة القرآن لتكوين العقيدة وتثبيتها هي مخاطبة الفطرة البشرية بما هو في متناول كل فرد من المواد الأولية، إذ من هذه المشاهدات التي يراها الإنسان يبني القرآن العقيدة وسنكتفي مما تضمنته الأرض من آيات دالة على وجود خالقها ومبدع صنعها ووحدانيته بنماذج من الآيات التي تدعو الإنسان إلى النظر فيها وهي مكررة أمامه، في كل لحظة من لحظات حياته، وهو غافل لا يلقي لذلك بالا، ولو تأمل فيها كما دعاه خالقه لكفاه آية على وجود خالقه ووحدانيته جل شأنه، فمن تلك النماذج:
فطعام الإنسان ألصق شيء بحياته اليومية، هل نظر فيه؟ وهل نظر في مراحله التي مر بها حتى أصبح في متناول يده؟ وما دوره هو في إنشائه؟ .
هذه الآيات تدعو الإنسان إلى النظر في طعامه، هذا الأمر الضروري المكرر الذي أصبح ليسره وإلفه غير منظور إلى دلالته على القدرة التي أبدعته ويسرته، ثم ترسم له خطوات سير طعامه مرحلة بعد أخرى ليرى هل له فيها من يد؟ ثم تصل به إلى القدرة الإلهية التي تجعل من الشيء الواحد أنواعا مختلفة، إذ أن التربة الواحدة قد سقيت بماء واحد ومع ذلك أنبتت تلك الأنواع المختلفة من الحبوب والفواكه والثمار.
فالخطوة الأولى:
صب الماء على الأرض وكل إنسان يعرف نزول المطر من السماء لا فرق بين إنسان وآخر فساكن القرية والمدينة كل منهما يعرف ذلك كما يعرفه ساكن الكوخ في الصحراء فهي حقيقة يخاطب بها كل إنسان.