للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما قول الفلاسفة الإلهيين إن البعث روحاني فقط، وإنكارهم للمعاد الجسماني فلا شك في مصادمته للنصوص الشرعية الواردة في الكتاب العزيز، والثابتة في السنة النبوية، فالمنكرون للبعث الذين رد عليهم القرآن الكريم، لم ينكروا إلا إعادة هذه الأجسام بعد استحالتها ترابا. وأوردوا شبههم استبعادا لتلك الإعادة، فرد عليهم القرآن الكريم وبين لهم زيف شبهتهم، ووضح أن الإعادة ممكنة.

ثم إن كلامهم هذا يتضمن إنكار كل شيء محسوس، كالجنة والنار، والصراط والميزان. وكل الحقائق الأخروية التي أخبر الشارع عنها، ولذلك كفّرهم العلماء.

وأمما قول القائلين: بأن المعاد روحاني وجسماني فإنه مبنى على القول بأن الروح جوهر مجرد ليس بجسم، ولا قوة حالة بالجسم، وإنما تتعلق بالجسم تعلق التدبير والتصرف، وأنها لا تفنى بفناء البدن، وعليه فالمعاد شيئان، جسم- وروح تعاد إليه. ولكن هل الجسم المعاد هو عين الأول أو غيره؟

الكلام الذي نقلناه عن شرح المواقف والذي نسبه إلى الحليمي. والراغب والغزالي وآخرين يوحي بأن الجسم المعاد غير الأول، نأخذ ذلك من قوله حكاية عنهم، أو نسبة إليهم: "فإذا أراد الله تعالى حصر الخلائق خلق لكل واحد من الأرواح بدنا يتعلق ويتصرف فيه كما كان في الدنيا".