للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقول الخامس: وهو التوقف في هذه الأقسام كلها، فهو المنقول عن جالينوس، فإنه قال: لم يتبين لي أن النفس هل هي المزاج، فينعدم عند الموت فيستحيل إعادتها، أو هي جوهر باق بعد فساد البنية، فيمكن المعاد حينئذ.

هذه هي أقوال العلماء المحكية عنهم في حقيقة البعث، فما مدى موافقتها أو مخالفتها

لما جاء به القرآن الكريم في ذلك؟

نقول ومن الله التوفيق:

إن القول الرابع- وهو إنكار البعث مطلقا، والقول الخامس وهو الشك في وقوعه، فسنضرب صفحا عن الرد عليهما ومناقشتهما وذلك لأن مسلك القرآن الكريم الذي سبق أن عرضناه، فيه الكفاية، لدحض شبه المنكرين لإمكان البعث، والمتشككين في وقوعه، لأن إنكار البعث حلقة متصلة اعتنقها المكذبون لأنبيائهم من كل أمة كما قال تعالى حكاية عنهم، {بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُونَ قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} (المؤمنون: آية ٨١- ٨٣) .

فالشبهة واحدة ورد القرآن على طائفة واحدة، هو رد على كل طائفة منكرة للبعث، أو متشككة في وقوعه، فلو ناقشنا هذين القولين وبينا فسادهما، ووجه الرد عليهما، لاعتبر ذلك تكرار لما سبق وإنما الذي سنناقشه هنا، هي الأقوال الثلاثة الأخرى، القائلة بالبعث. فهى التي يمكن أن ننظر في مدى موافقتها، أو مخالفتها لما جاء به القرآن الكريم في موضوع البعث، وسنبدأ برأي الفلاسفة حسب ترتيبنا لهذه الأقوال.

أولا: رأي الفلاسفة: