{وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى} أي فيخترم الله بالوفاة في أجله المعلوم من يشاء، ويعمر من يعمر منكم حتى يبلغ من العمر أرذله، فيرتد عقله وتصوراته ومشاعره إلى حالة الطفولة الأولى، فيجهل بعد العلم، ويضعف بعد القوة {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مَنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً} ، تماماً مثل يوم خلق وبرز وجوده لهذه الحياة طفلا. فالآية الكريمة تخاطب المنكر للبعث، قائلة له: إن من كانت هذه قدرته في خلقك وإنشائك، في حياتك الأولى، وفي أطوارها المتعددة التي مرت بها أيعجزها إحياؤك بعد موتك، وإعادتك بعد فنائك؟؟
كيف يكون ذلك وهو القادر على كل شيء وهو الخلاق العليم.
وبعد أن استكملت الآية الاستدلال بالعالم الإنساني في نشأته الأولى، وكيفية تنقله في أطوار خلقه المتعددة، أتبعه باستدلال آخر، يكثر ضربه في القرآن، استدلالاً به على البعث؛ ذلك هو احياء الأرض بعد موتها.