للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعضهم فسر طمس الوجوه بقوله: "من قبل أن نطمس وجوههم التي هم [٣٩] فيها، فنردهم إلى الشام من مساكنهم بالحجاز".

وقد قال الطبري [٤٠] عن هذا الرأي: إنه "مما يدل عليه ظاهر التنزيل بعيد".

وذلك أن المعروف من (الوجوه) في كلام العرب التي هي خلاف (الأقفاء) ، وكتاب الله يوجه تأويله إلى الأغلب [٤١] في كلام من نزل بلسانه، حتى يدل على أنه معني به غير ذلك من الوجوه.

٤- تأويل طمس الوجوه بإبطال المؤامرات:

وقال بعضهم المقصود بطمس الوجوه إبطال مؤامراتهم.

وبهذا التأويل قال الشيخ رشيد رضا، وعبارته: "فظاهر معنى العبارة هنا: آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوه مقاصدكم التي توجهتم إليها في كيد الإسلام، ونردها خاسئة خاسرة إلى الوراء بإظهار الإسلام ونصره عليكم، وفضيحتكم فيما تأتونه باسم الدين والعلم الذي جاء به الأنبياء، وقد كان لهم عند نزول الآية شيء من المكانة والمعرفة والقوة، فهذا ما نفسرها به على جعل الطمس والرد على الأدبار معنويين، وبه قال مجاهد، ولكن أوجز"اه.

٥- تأويل الوجوه بالرؤساء والوجهاء:

وقيل إن المقصود بطمس الوجوه ما ذكره الزمخشري بقوله [٤٢] : "ووجه آخر وهو أن يراد بالطمس القلب والتغيير، كما طمس أموال القبط فقلبها حجارة، وبالوجوه رؤساؤهم ووجهاؤهم، أي من قبل أن نغير أحوال وجهائهم فنسلبهم إقبالهم ووجاهتهم، ونكسوهم صغارهم وإدبارهم".

مختار القول: وبعد استعراض الآراء في تفسير الآية استعراضا وافيا، وإن لم نبلغ به حد الاستقصاء، نرى أن أولى الآراء هو حمل الوجه على حقيقته، وأن الطمس على أصل معناه من المحو والإزالة والإخفاء.