بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَرَ الرُّخَاءَ فَسَارَتْ بِهِ، فَإِنْ أَرَادَ أَسْرَعَ مِنْ ذَلِكَ أَمَرَ الْعَاصِفَةَ فَحَمَلَتْهُ أَسْرَعَ مَا يَكُونُ، فَوَضَعَتْهُ فِي أَيِّ مَكَانٍ شَاءَ، بِحَيْثُ إِنَّهُ كَانَ يَرْتَحِلُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَتَغْدُو بِهِ الرِّيحُ فَتَضَعُهُ بِإِصْطَخْرَ، مَسِيرَةَ شَهْرٍ، فَيُقِيمُ هُنَاكَ إِلَى آخَرِ النَّهَارِ، ثُمَّ يَرُوحُ مِنْ آخِرِهِ، فَتَرُدُّهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: ١٢]
[سَبَأٍ: ١٢، ١٣] . قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: كَانَ يَغْدُو مِنْ دِمَشْقَ، فَيَنْزِلُ بِإِصْطَخْرَ فَيَتَغَدَّى بِهَا، وَيَذْهَبُ رَائِحًا مِنْهَا فَيَبِيتُ بِكَابُلَ، وَبَيْنَ دِمَشْقَ وَبَيْنَ إِصْطَخْرَ مَسِيرَةُ شَهْرٍ، وَبَيْنَ إِصْطَخْرَ وَكَابُلَ مَسِيرَةُ شَهْرٍ. قُلْتُ: قَدْ ذَكَرَ الْمُتَكَلِّمُونَ عَلَى الْعِمْرَانِ وَالْبُلْدَانِ، أَنَّ إِصْطَخْرَ بَنَتْهَا الْجَانُّ لِسُلَيْمَانَ وَكَانَ فِيهَا قَرَارُ مَمْلَكَةِ التُّرْكِ قَدِيمًا، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ بُلْدَانٍ شَتَّى; كَتَدْمُرَ، وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَبَابِ جَيْرُونَ، وَبَابِ الْبَرِيدِ، اللَّذَيْنِ بِدِمَشْقَ، عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ. وَأَمَّا الْقِطْرُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: هُوَ النُّحَاسُ. قَالَ قَتَادَةُ: وَكَانَتْ بِالْيَمَنِ ; أَنَبْعَهَا اللَّهُ لَهُ. قَالَ السُّدِّيُّ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَقَطْ، أَخَذَ مِنْهَا جَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلْبِنَايَاتِ وَغَيْرِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute