بَلْ كُنْ بِهَا حَيًّا كَأَنَّكَ مَيَّتٌ … لَا يَرْتَجِي مِنْهُ الْقَرِيبُ وِصَالَا
قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَصْرِيُّ: قُلْتُ لِلْحَلَبِيِّ: هَذِهِ مَوْعِظَةُ سَرِيٍّ لَكَ، فَعِظْنِي أَنْتَ. فَقَالَ: يَا أَخِي، أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا أُصْدِرَ إِلَيْهِ مِنْ قَلْبٍ زَاهِدٍ فِي الدُّنْيَا، فَازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
أَنْتَ فِيِ دَارِ شَتَاتٍ … فَتَأَهَّبْ لِشَتَاتِكَ
وَاجْعَلِ الدُّنْيَا كَيَوْمٍ … صُمْتَهُ عَنْ شَهَوَاتِكَ
وَاجْعَلِ الْفِطْرَ إِذَا مَا … صُمْتَهُ يَوْمَ وَفَاتِكَ
قَالَ ابْنُ خُرَّزَادَ: فَقُلْتُ لِعَلِيٍّ: هَذِهِ مَوْعِظَةُ الْحَلَبِيِّ لَكَ، فَعِظْنِي أَنْتَ. فَقَالَ لِي: احْفَظْ وَقْتَكَ وَاسْخُ بِنَفْسِكَ لِلَّهِ ﷿، وَانْزِعْ قِيمَةَ الْأَشْيَاءِ عَنْ قَلْبِكَ يَصْفُ لَكَ بِذَلِكَ سِرُّكَ، وَيَزْكُ بِهِ ذِكْرُكَ. ثُمَّ أَنْشَدَنِي:
حَيَاتُكَ أَنْفَاسٌ تُعَدُّ فَكُلَّمَا … مَضَى نَفَسٌ مِنْهَا انْتُقِصْتَ بِهِ جُزْءًا
فَتُصْبحُ فِي نَقْصٍ وَتُمْسِي بِمِثْلِهِ … وَمَا لَكَ مَعْقُولٌ تُحِسُّ بِهِ رُزْءًا
يُمِيتُكَ مَا يُحْيِيكَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ … وَيَحْدُوكَ حَادٍ مَا يُرِيدُ بِكَ الْهُزْءَا
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: هَذِهِ مَوْعِظَةُ عَلِيٍّ لَكَ، فَعِظْنِي. فَقَالَ: يَا أَخِي، عَلَيْكَ بِلُزُومِ الطَّاعَةِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَبْرَحَ بَابَ الْقَنَاعَةِ، وَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ، وَلَا تُؤْثِرْ هَوَاكَ، وَلَا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ، وَاشْتَغِلْ بِمَا يَعْنِيكَ بِتَرْكِ مَا لَا يَعْنِيكَ. ثُمَّ أَنْشَدَنِي:
نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي نَدَامَةً … وَمَنْ يَتْبَعْ مَا تَشْتَهِي النَّفْسُ يَنْدَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute