للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَجَاءَهُمْ، فَقَصَدُوا بَابَ الْمَقْصُورَةِ فَفَتَحَ لَهُمْ خَادِمٌ، فَدَخَلُوا فَوَجَدُوا أَبَا الْعَاجِ وَهُوَ سَكْرَانُ، فَأَخَذُوهُ وَأَخَذُوا خُزَّانَ بَيْتِ الْمَالِ، وَتَسَلَّمُوا الْحَوَاصِلَ، وَتَقْوَوْا بِالْأَسْلِحَةِ، وَأَمَرَ يَزِيدُ بِإِغْلَاقِ أَبْوَابِ الْبَلَدِ، وَأَنْ لَا يَفْتَحَ إِلَّا لِمَنْ يَعْرِفُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ قَدِمَ أَهْلُ الْحَوَاضِرِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَدَخَلُوا مِنْ سَائِرِ أَبْوَابِ الْبَلَدِ، كُلُّ أَهْلِ مَحِلَّةٍ مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِمْ، فَكَثُرَتِ الْجُيُوشُ حَوْلَ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي نُصْرَتِهِ، وَكُلُّهُمْ قَدْ بَايَعَهُ بِالْخِلَافَةِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي ذَلِكَ:

فَجَاءَتْهُمْ أَنْصَارُهُمْ حِينَ أَصْبَحُوا … سَكَاسِكُهَا أَهْلُ الْبُيوُتِ الصَّنَادِدِ

وَكَلْبٌ فَجَاءُوهُمْ بِخَيْلٍ وَعِدَّةٍ … مِنَ الْبِيضِ وَالْأَبْدَانِ ثُمَّ السَّوَاعِدِ

فَأَكْرِمْ بِهَا أَحْيَاءَ أَنْصَارِ سُنَّةٍ … هُمْ مَنَعُوا حُرْمَاتِهَا كُلَّ جَاحِدِ

وَجَاءَتْهُمْ شَعْبَانُ وَالْأَزْدُ شُرَّعًا … وَعَبْسٌ وَلَخْمٌ بَيْنَ حَامٍ وَذَائِدِ

وَغَسَّانُ وَالْحَيَّانِ قَيْسٌ وَتَغْلِبٌ … وَأَحْجَمَ عَنْهَا كُلُّ وَانٍ وَزَاهِدِ

فَمَا أَصْبَحُوا إِلَّا وَهُمْ أَهْلُ مُلْكِهَا … قَدِ اسْتَوْثَقُوا مِنْ كُلِّ عَاتٍ وَمَارِدِ

وَبَعَثَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَصَادٍ فِي مِائَتَيْ فَارِسٍ إِلَى قَطَنَا لِيَأْتُوهُ بِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ نَائِبِ دِمَشْقَ، وَلَهُ الْأَمَانُ، وَكَانَ قَدْ تَحَصَّنَ فِي قَصْرٍ هُنَاكَ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَوَجَدُوا عِنْدَهُ خُرْجَيْنِ; فِي كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَلَمَّا مَرُّوا بِالْمِزَّةِ قَالَ أَصْحَابُ ابْنِ مَصَادٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>