فَدَفَعَ بَرِيدُ سُلَيْمَانَ الْكِتَابَ الَّذِي مَعَهُ إِلَى بَرِيدِ قُتَيْبَةَ، ثُمَّ بَلَغَهُمَا مَقْتَلُ قُتَيْبَةَ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ بَرِيدُ سُلَيْمَانَ.
[ذِكْرُ سَبَبِ مَقْتَلِ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ]
وَذَلِكَ أَنَّهُ جَمَعَ الْجُنْدَ وَالْجُيُوشَ، وَعَزَمَ عَلَى خَلْعِ سُلَيْمَانَ وَتَركِ طَاعَتِهِ، وَذَكَرَ لَهُمْ هِمَّتَهُ وَفُتُوحَهُ وَعَدْلَهُ فِيهِمْ، وَدَفْعَهُ الْأَمْوَالَ الْجَزِيلَةَ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَقَالَتِهِ، لَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَى مَقَالَتِهِ، فَشَرَعَ فِي تَأْنِيبِهِمْ وَذَمِّهِمْ، قَبِيلَةً قَبِيلَةً، وَطَائِفَةً طَائِفَةً، فَغَضِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ وَنَفَرُوا عَنْهُ وَتَفَرَّقُوا، وَعَمِلُوا عَلَى مُخَالَفَتِهِ وَسَعَوْا فِي قَتْلِهِ، وَكَانَ الْقَائِمُ بِأَعْبَاءِ ذَلِكَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: وَكِيعُ بْنُ أَبِي سُودٍ، فَجَمَعَ جُمُوعًا كَثِيرَةً ثُمَّ نَاهَضَهُ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَتَلَهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَتَلَ مَعَهُ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ إِخْوَتِهِ وَأَبْنَاءِ إِخْوَتِهِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ سِوَى ضِرَارِ بْنِ مُسْلِمٍ وَكَانَتْ أُمُّهُ الْغَرَّاءَ بِنْتَ ضِرَارِ بْنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، فَحَمَتْهُ أَخْوَالُهُ وَعَمْرُو بْنُ مُسْلِمٍ، وَكَانَ عَامِلَ الْجَوْزَجَانِ. وَقُتِلَ قُتَيْبَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَصَالِحٌ وَبَشَّارٌ، وَهَؤُلَاءِ أَبْنَاءُ مُسْلِمٍ، وَأَرْبَعَةٌ مِنْ أَبْنَائِهِمْ فَقَتَلَهُمْ كُلَّهُمْ وَكِيعُ بْنُ سُودٍ.
وَقَدْ كَانَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُصَيْنِ بْنِ رَبِيعَةَ أَبُو حَفْصٍ الْبَاهِلِيُّ، مِنْ سَادَاتِ الْأُمَرَاءِ وَخِيَارِهِمْ، وَكَانَ مِنَ الْقَادَةِ النُّجَبَاءِ الْكُبَرَاءِ، وَالشُّجْعَانِ وَذَوِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute