للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَسَنِ. وَقَالَ تَعَالَى: فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ [الْمُلْكِ: ٣ - ٤]. أَيْ خَاسِئًا عَنْ أَنْ يَرَى فِيهَا نَقْصًا أَوْ خَلَلًا. وَهُوَ حَسِيرٌ أَيْ كَلَيْلٌ ضَعِيفٌ، وَلَوْ نَظَرَ حَتَّى يَعْيَ وَيَكِلَّ وَيَضْعُفَ لَمَا اطَّلَعَ عَلَى نَقْصٍ فِيهَا وَلَا عَيْبٍ; لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ أَحْكَمَ خَلْقَهَا، وَزَيَّنَ بِالْكَوَاكِبِ أُفُقَهَا كَمَا قَالَ: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ [الْبُرُوجِ: ١]. أَيِ النُّجُومِ. وَقِيلَ: مَحَالُّ الْحَرَسِ الَّتِي يُرْمَى مِنْهَا بِالشُّهُبِ لِمُسْتَرِقِ السَّمْعِ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ تَعَالَى: وَلِقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ [الْحِجْرِ: ١٦ - ١٧]. فَذَكَرَ أَنَّهُ زَيَّنَ مَنْظَرَهَا بِالْكَوَاكِبِ الثَّوَابِتِ وَالسَّيَّارَاتِ; الشَّمْسِ، وَالْقَمَرِ، وَالنُّجُومِ الزَّاهِرَاتِ، وَأَنَّهُ صَانَ حَوْزَتَهَا عَنْ حُلُولِ الشَّيَاطِينِ بِهَا، وَهَذَا زِينَةُ مَعْنًى فَقَالَ: وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ. كَمَا قَالَ: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى [الصَّافَّاتِ: ٦ - ٨].

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ: وَقَالَ قَتَادَةُ: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ [الْمُلْكِ: ٥]. خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ; جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا. فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>