يَعْلَمُ أَنَّهُ عَبْدٌ مَرْبُوبٌ، وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ، الْإِلَهُ الْحَقُّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [النَّمْلِ: ١٤]. وَلِهَذَا قَالَ لِمُوسَى، ﵇، عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ لِرِسَالَتِهِ، وَالْإِظْهَارِ أَنَّهُ مَا ثَمَّ رَبٌّ أَرْسَلَهُ: وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ [الشُّعَرَاءِ: ٢٣]. لِأَنَّهُمَا قَالَا لَهُ: إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُمَا: وَمَنْ رَبُّ الْعَالَمِينَ، الَّذِي تَزْعُمَانِ أَنَّهُ أَرْسَلَكُمَا وَابْتَعَثَكُمَا؟ فَأَجَابَهُ مُوسَى قَائِلًا: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ [الشُّعَرَاءِ: ٢٤]. يَعْنِي رَبَّ الْعَالَمِينَ، خَالِقَ هَذِهِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْمُشَاهَدَةِ، وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ الْمُتَجَدِّدَةِ; مِنَ السَّحَابِ وَالرِّيَاحِ وَالْمَطَرِ وَالنَّبَاتِ وَالْحَيَوَانَاتِ، الَّتِي يَعْلَمُ كُلُّ مُوقِنٍ أَنَّهَا لَمْ تَحْدُثْ بِأَنْفُسِهَا، وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُوجِدٍ وَمُحْدِثٍ وَخَالِقٍ، وَهُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. قَالَ أَيْ; فِرْعَوْنُ لِمَنْ حَوْلَهُ مِنْ أُمَرَائِهِ، وَمَرَازِبَتِهِ وَوُزَرَائِهِ، عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ وَالتَّنَقُّصِ لِمَا قَرَّرَهُ مُوسَى، ﵇: أَلَّا تَسْتَمِعُونَ يَعْنِي كَلَامَهُ هَذَا. قَالَ مُوسَى مُخَاطِبًا لَهُ وَلَهُمْ: رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ [الشُّعَرَاءِ: ٢٦]. أَيْ; هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ; مِنَ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ وَالْقُرُونِ السَّالِفَةِ فِي الْآبَادِ، فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْ نَفْسَهُ وَلَا أَبُوهُ وَلَا أُمُّهُ، وَلَمْ يَحْدُثْ مِنْ غَيْرِ مُحْدِثٍ، وَإِنَّمَا أَوْجَدَهُ وَخَلَقَهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ. وَهَذَانِ الْمَقَامَانِ هُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute