للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَطَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ بَيْنَنَا … فَيَالَعِبَادِ اللَّهِ مَا لِأَبِي بَكْرِ

فَلَمَّا وَقَعَ مَا وَقَعَ ظَنَّ الْقَوْمُ بِالْمُسْلِمِينَ الْوَهَنَ، وَبَعَثُوا إِلَى عَشَائِرِهِمْ مِنْ نَوَاحِي أَخَرَ، فَاجْتَمَعُوا، وَبَاتَ أَبُو بَكْرٍ، ، قَائِمًا لَيْلَهُ يَتَهَيَّأُ يُعَبِّئُ النَّاسَ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَى تَعْبِئَةٍ مِنْ آخَرِ اللَّيْلِ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُقَرِّنٍ، وَعَلَى السَّاقَةِ أَخُوهُمَا سُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ، فَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ إِلَّا وَهُمْ وَالْعَدُوُّ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَمَا سَمِعُوا لِلْمُسْلِمِينَ حِسًّا وَلَا هَمْسًا، حَتَّى وَضَعُوا فِيهِمُ السُّيُوفَ، فَمَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى وَلَّوْهُمُ الْأَدْبَارَ، وَغَلَبُوهُمْ عَلَى عَامَّةِ ظَهْرِهِمْ، وَقُتِلَ حِبَالٌ، وَاتَّبَعَهُمْ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى نَزَلَ بِذِي الْقَصَّةِ، وَكَانَ أَوَّلَ الْفَتْحِ، وَذَلَّ بِهَا الْمُشْرِكُونَ، وَعَزَّ بِهَا الْمُسْلِمُونَ، وَوَثَبَ بَنُو ذُبْيَانَ وَعَبْسٌ عَلَى مَنْ فِيهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلُوهُمْ، وَفَعَلَ مَنْ وَرَاءَهُمْ كَفِعْلِهِمْ، فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ لَيَقْتُلَنَّ فِي كُلِّ قَبِيلَةٍ بِمَنْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَزِيَادَةً، فَفِي ذَلِكَ يَقُولُ زِيَادُ بْنُ حَنْظَلَةَ التَّمِيمِيُّ:

غَدَاةَ سَعَى أَبُو بَكْرٍ إِلَيْهِمْ … كَمَا يَسْعَى لِمَوْتَتِهِ جُلَالُ

أَرَاحَ عَلَى نَوَاهِقِهَا عَلِيًّا … وَمَجَّ لَهُنَّ مُهْجَتَهُ حِبَالُ

وَقَالَ أَيْضًا:

أَقَمْنَا لَهُمْ عُرْضَ الشِّمَالِ فَكُبْكِبُوا … كَكَبْكَبَةِ الْغُزَّى أَنَاخُوا عَلَى الْوَفْرِ

فَمَا صَبَرُوا لِلْحَرْبِ عِنْدَ قِيَامِهَا … صَبِيحَةَ يَسْمُو بِالرِّجَالِ أَبُو بَكْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>