بِرُوحِهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْرَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: كَانَتْ رُؤْيَا مِنَ اللَّهِ صَادِقَةً.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمَا; لِقَوْلِ الْحَسَنِ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ، وَكَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ ﵇: يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ [الصَّافَّاتِ: ١٠٢] وَفِي الْحَدِيثِ: تَنَامُ عَيْنِي وَقَلْبِي يَقْظَانُ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ قَدْ جَاءَهُ، وَعَايَنَ فِيهِ مَا عَايَنَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، عَلَى أَيِّ حَالَيْهِ كَانَ، نَائِمًا أَوْ يَقْظَانَ، كُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ وَصِدْقٌ.
قُلْتُ: وَقَدْ تَوَقَّفَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي ذَلِكَ، وَجَوَّزَ كُلًّا مِنَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، وَلَكِنَّ الَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ وَلَا يُتَمَارَى، أَنَّهُ كَانَ يَقْظَانَ لَا مَحَالَةَ; لِمَا تَقَدَّمَ، وَلَيْسَ مُقْتَضَى كَلَامِ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ جَسَدَهُ ﷺ مَا فُقِدَ، وَإِنَّمَا كَانَ الْإِسْرَاءُ بِرُوحِهِ، أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَنَامًا كَمَا فَهِمَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ بَلْ قَدْ يَكُونُ وَقَعَ الْإِسْرَاءُ بِرُوحِهِ حَقِيقَةً، وَهُوَ يَقْظَانُ لَا نَائِمٌ، وَرَكِبَ الْبُرَاقَ، وَجَاءَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَصَعِدَ السَّمَاوَاتِ، وَعَايَنَ مَا عَايَنَ، حَقِيقَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute