وَأَنَّهُ جَاءَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَصَلَّى فِيهِ، فَمِنْ بَيْنِ مُصَفِّقٍ، وَبَيْنَ مُصَفِّرٍ، تَكْذِيبًا لَهُ وَاسْتِبْعَادًا لِخَبَرِهِ، وَطَارَ الْخَبَرُ بِمَكَّةَ، وَجَاءَ النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ﵁، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: إِنَّكُمْ تَكْذِبُونَ عَلَيْهِ. فَقَالُوا: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَقُولُهُ. فَقَالَ: إِنْ كَانَ قَالَهُ فَلَقَدْ صَدَقَ. ثُمَّ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَحَوْلَهُ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ، فَاسْتَعْلَمَهُ عَنْ صِفَاتِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ; لِيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ وَيَعْلَمُوا صِدْقَهُ فِيمَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ. وَفِي» الصَّحِيحِ «أَنَّ الْمُشْرِكِينَ هُمُ الَّذِينَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ:» فَجَعَلْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ، فَالْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضَ الشَّيْءِ، فَجَلَّى اللَّهُ لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ، حَتَّى جَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ دُونَ دَارِ عَقِيلٍ وَأَنْعَتُهُ لَهُمْ «. فَقَالُوا: أَمَّا الصِّفَةُ فَقَدْ أَصَابَ.
وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إِخْبَارِهِ لَهُمْ بِمُرُورِهِ بِعِيرِهِمْ، وَمَا كَانَ مِنْ شُرْبِهِ مَاءَهُمْ. فَأَقَامَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ، وَاسْتَنَارَتْ لَهُمُ الْمَحَجَّةُ، فَآمَنَ مَنْ آمَنَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ رَبِّهِ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ [الْإِسْرَاءِ: ٦٠] أَيِ; اخْتِبَارًا لَهُمْ وَامْتِحَانًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، مِنْ أَنَّ الْإِسْرَاءَ كَانَ بِبَدَنِهِ وَرُوحِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ ظَاهِرُ السِّيَاقَاتِ مِنْ رُكُوبِهِ وَصُعُودِهِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute