بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ. وَرَوَى الْإِمَامُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فِي النَّاسِ فَأَقْرَبُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا زِلْتُ بِفُلَانٍ حَتَّى تَرَكْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا. فَيَقُولُ إِبْلِيسُ: لَا وَاللَّهِ، مَا صَنَعْتَ شَيْئًا. وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ. قَالَ: فَيُقَرِّبُهُ وَيُدْنِيهِ وَيَلْتَزِمُهُ، وَيَقُولُ: نَعَمْ أَنْتَ. يُرْوَى بِفَتْحِ النُّونِ بِمَعْنَى: نَعَمْ أَنْتَ ذَاكَ الَّذِي تَسْتَحِقُّ الْإِكْرَامَ. وَبِكَسْرِهَا أَيْ: نِعْمَ مِنْكَ. وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النُّحَاةِ عَلَى جَوَازِ كَوْنِ فَاعِلِ نَعَمْ مُضْمَرًا، وَهُوَ قَلِيلٌ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْأَوَّلَ، وَرَجَّحَهُ، وَوَجَّهَهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ أَوْرَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [الْبَقَرَةِ: ١٠٢]. يَعْنِي: أَنَّ السِّحْرَ الْمُتَلَقَّى عَنِ الشَّيَاطِينِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمُتَآلِفِينَ غَايَةَ التَّآلُفِ الْمُتَوَادِّينَ الْمُتَحَابِّينَ، وَلِهَذَا يَشْكُرُ إِبْلِيسُ سَعْيَ مَنْ كَانَ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ، فَالَّذِي ذَمَّهُ اللَّهُ يَمْدَحُهُ، وَالَّذِي يَغْضَبُ اللَّهُ يُرْضِيهِ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ سُورَتَيِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مُطَّرِدَةً لِأَنْوَاعِ الشَّرِّ وَأَسْبَابِهِ وَغَايَاتِهِ، وَلَا سِيَّمَا سُورَةُ: قُلْ أَعُوَذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ. وَثَبَتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute