للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (٣)} (١).

فاللَّه تعالى يجرد جميع الآلهة الذين يُتخذون من دونه من كل خصائص الألوهية، فهم لا يخلقون شيئًا ولا يستطيعون خلق شيء، بل هذه الآلهة المدعاة مخلوقة بعد أن لم تكن موجودة، بعد أن لم تكن شيئًا مذكورًا، يتساوى في ذلك الوثن الجاهليّ القديم الساذج كالصنم والشجر والحجر والوثن والجاهليّ المعاصر كالمذاهب والقوانين والمدارس الأدبية الجاهلية والشخوص والمدارس.

وإذا تأملنا النفسية الجاهلية فإننا نجد بينها تشابهًا هائلًا رغم تباعد الأزمنة، من عهد نوح إلى زماننا هذا، وأول أوجه التشابه بينهم: إعراضهم ورفضهم للهدى ودين الحق، وعنادهم وإصرارهم على محاربته، ووصفه بالأوصاف الساقطة لإسقاط منزلته عند الناس {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} (٢)، وهذا الموقف المعاند هو الذين نراه ونقرؤه في كتابات أهل الردة المعاصرة من الحداثيين والعلمانيين.

إن الكفار يبدون صلفهم وعنادهم من أول وهلة، ويصرون على الكفر ومعاداة الإيمان، ويجزمون عن قصد بأنهم لن ينظروا في براهين الهدى ودلائل الإيمان.

وقد أخبر اللَّه عن هذه الحالة النفسية لدى الكافرين فقال -جلَّ وعلا-: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (١٤٦)} (٣).

وأصحاب الأدب الحديث في استرسالهم مع أصلهم الجاحد وقاعدتهم


(١) الآية ٣ من سورة الفرقان.
(٢) الآية ٣١ من سورة سبأ.
(٣) الآية ١٤٦ من سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>