للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنقل هنا مجموعة من إشارته حول ذلك، يقول بعد أن أورد أبياتًا قال عنها: (. . . أرى فيها لحظة كشف، لحظة إضاءة كان نزار يومئ إليها إيماء سريعًا من قبل. . .) (١).

ويقول: (إنه اتخذ الجنس مسكنًا، وأصبح الحب كله متشابهًا. . . على ضوء هذا الفهم يستطيع القارئ أن يقرأ قصائده "مصلوبة النهدين" و"طائشة الظفائر" و"همجية الشفتين" وغيرها مما يجرى هذا المجرى ليكتشف أن خوف الشاعر من ضياع الحيوية الشعرية -لا من ضياع العفة والفضيلة- هو الذي يحدد للحب "ومن ثم للجنس" أبعاده وقيمه، فنزار إذن لم يتحدث عن الحب، بمعناه العاطفي الذي يظنه الكثيرون، إنّما تحدث عنه بمعنى جديد حين جعله طرفًا في قوتي صراع كبيرتين) (٢).

ورغم هذه الصيغة التبريرية لم يستطع إحسان عباس أن يتجاوز ما لا يستطيع تجاوزه في وصفه لقباني وأقواله، كما في ثنايا قوله السابق، وكما. في قوله الأشبه بالدعاء: (يُمكن أن نسمى نزار شاعر المرأة؛ لأنه ينصفها؛ لأنه -وهو يحاول أن ينصفها- يرى فيها محض امرأة، لا فنانة شاعرة، ذلك لأنها في أقصى حالات الشاعرية تتمنى الفناء -حبًا وجنسًا- في الرجل) (٣).

وهذا كذب على قباني ومخالف لحقيقة أقواله وأفعاله التي سبق ذكر شيء منها، فهو لا يرى المرأة إلّا جسدًا ومتعة ومستودعًا للشهوات والنزوات، ومختبرًا لمغامرات أهل العهر والدعارة والزنى فأي إنصاف للمرأة في هذا؟.

أليس هو القائل:

(تعبت من السفر الطويل حقائبي … وتعبت من خيلي ومن غزواتي

لم يبق نهد أسود أو أبيض … إلّا زرعت بأرضه راياتي


(١) المصدر السابق: ص ١٣٦.
(٢) المصدر السابق: ص ١٣٦ - ١٣٧.
(٣) المصدر السابق: ص ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>