بلسانه فحسب، أو ببدنه فقط أو يقلبه لا غير، أو بعقله مجردًا، أو بحواسه وحدها، بل يعبد اللَّه بهذه كلها، ويعبده كذلك بماله وسلطانه وسائر أعماله ومناشطه، ويعبده -على وجه الخصوص في هذا المقام- بتطبيقه لشرع اللَّه وإنفاذه لأحكام اللَّه، وسيره على منهج اللَّه في الحياة.
ومن شمول الإسلام شموله في ميدان الأخلاق والفضائل التي لم تدع جانبًا من جوانب الحياة الإنسانية: روحية أو جسمية، دينية أو دنيوية، عقلية أو عاطفية، فردية أو اجتماعية، إلا رسمت له المنهج الأمثل للسلوك الرفيع.
ومن شمول الإسلام أن التشريع فيه تشريع شامل، لا يشرع للفرد دون الأسرة، ولا للأسرة دون المجتمع، ولا للمجتمع منفردًا عن غيره من المجتمعات.
فهو تشريع يشمل التشريع للفرد في تعبده وصلته بربه "العبادات" والتشريع له في سلوكه الخاص والعام "الحلال والحرام".
ويشمل التشريع ما يتعلق بأحوال الأسرة من زواج وطلاق ونفقة وميراث وولاية وغير ذلك، وهو ما يطلق عليه في هذا العصر "الأحوال الشخصية".
ويشمل التشريع للمجتمع في علاقاته المدنية والتجارية، وما يتصل بتبادل الأموال والمنافع، مثل البيوع والإجارات، والقروض والمداينات والرهن والحوالة، والكفالة والضمان وغيرها.
ويشمل التشريع ما يتصل بالجرائم وعقوباتها المحدودة شرعًا كالحدود أو المقدرة تعزيرًا، وهو ما يطلق عليه في هذا العصر "التشريع الجنائي" أو "الجزائي" أو "قانون العقوبات".
ويشمل ما يتعلق بواجب الحكومة نحو المحكومين، وواجب المحكومين نحو الحكام، وتنظيم الصلة بين الطرفين، وهو ما عرف في عرف الفقهاء بأحكام الإمامة، والسياسة الشرعية، والأحكام السلطانية، وهو ما يعرف في عصرنا بـ "التشريع الدستوري" أو "الإداري".