للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب قصيدة النثر وقذف به في متاهاته، وتحول النقد إلى نوع من قصيدة النثر نفسها) (١).

(في خلال السنوات العشرين الماضية جرت أعظم عملية استيطان في الثقافة العربية أريد بموجبها زرع قصيدة النثر في الشعر العربي واعتبارها شكلًا شعريًا شرعيًا) (٢).

وليس هذا موقف جهاد فاضل وحده، بل حتى خليل حاوي يهاجم هذه الفوضى المسماة "قصيدة النثر" فيقول عنها: (إنها ظاهرة مرض يسعى إلى إخفاء حقيقته ببهرج الصورة وزخرفها الزائف، ومما يلاحظ في شعر هؤلاء إن الانجذاب إلى صور ملتقطة من النتاج السوريالي تفرض عليهم طبيعة المضمون في شعرهم، لهذا يتكشف للمتبصر في صورهم أنها لا تعبر عن شحنة من تجربة شعورية مكثفة، وأفكار مكتنزة تذوب في وهج الشعور، بل عن تجارب مجتلبة تنطوي على فراغ في فراغ) (٣).

والرد على نزار قباني من كلامه أقوى وأشد، فقد تناول الشعر الحديث بأوصاف تنطبق أول ما تنطبق على ما يسمى "قصيدة النثر" وإن كانت تعم كل الشعر الحديث، يقول قباني: (الشعر العربي واقع في أزمة ثقة مع الناس، فقد رمى نفسه من الطابق التاسع والتسعين للقصيدة القديمة، ولا يزال عالقًا بين السماء السابعة والأرض، أفلت رجليه عن حافة الشرفة العتيقة، ولم يجد أي شرفة بديلة يتعلق بها، كل هذا يجري والناس الذين تحت يضحكون يصفرون ويطلقون النكات على هذا المجنون الهابط عليهم من كوكب لا يعرفونه والذي يتكلم بلسان لا يعرفونه. . .

نطلب من الشاعر الحديث أن يكون طبيعيًا؛ لأن النتاج الشعري الذي


(١) المصدر السابق: ص ٦٩.
(٢) المصدر السابق: ص ١٥٤.
(٣) المصدر السابق: ص ٢٨١. وانظر: نقد بدوي الجبل لقصيدة النثر في المصدر نفسه: ص ٣٩٦، ونقد جوزيف نجم لها أيضًا ولعموم الحداثة في المصدر نفسه: ص ٣٩٩ - ٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>