للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يقوم نقد الرازي للنبوة على أساسين، عقلي وتاريخي، ومقدمة الأساس الأول أن العقل مصدر المعرفة، ولذلك يجب أن يكون متبوعًا لا تابعًا) (١).

وبعد أن ينقل نصوصًا من كلام صنوه الرازي يقول: (ثم ينتقل الرازي بعد نفي النبوة كمبدأ إلى انتقادها كظاهرة) (٢).

وبعد ذكر كلامه المتهافت يقول أدونيس: (والرازي هنا يقول أنه ليس هناك في ظاهرة النبوة ما يوجب عقليًا حدوثها في قوم دون قوم، ذلك أن مثل هذا الاختصاص تفضيل لبعض على بعض، وجعل بعض هداة لبعض، وهو ما يأباه العقل ولا يقره (٣)، خصوصًا أن هذا الاختصاص يؤدي إلى الشقاق بين الناس. . .) (٤).

وفي استتارٍ خلف أقوال الرازي الملحد يقول: (. . . أمّا عن الأنبياء أنفسهم فيقول الرازي: "زعم عيسى أنه ابن اللَّه، وزعم موسى أنه لا ابن له، وزعم محمد أنه مخلوق كسائر الناس. . .، ومحمد زعم أن المسيح لم يقتل، واليهود والنصارى تنكر ذلك وتزعم أنه قتل وصلب"، وهذا تناقض واضح بين الأنبياء أنفسهم، مما يدل، في رأي الرازي، على بطلان النبوة، ذلك أن النبوة تقوم على الوحي الذي ينزله اللَّه، ولما كان اللَّه واحدًا، فإن مصدر النبوة واحد، ولهذا يجب أن يكون الوحي واحدًا، وبما أن اللَّه لا يُمكن أن يتناقض، فإن الأنبياء هم الذين يتناقضون، ومن هنا بطلان النبوة؛ لأن تناقضهم دليل على أنهم غير صادقين) (٥).

وعلى الرغم من محاولة أدونيس الاستتار خلف أقوال الملحد الرازي إلّا أنه لم يستطع ذلك في كل المواقف، فصرح بهذه الأقوال الدالة على مقدار انحرافه.


(١) و (٢) الثابت والمتحول ٢ - تأصيل الأصول: ص ٨٠ - ٨١.
(٣) تأمل الطرح الإلحادي القائم على مجرد الادعاء، وهو أسلوب قديم جديد يتداوله الكافرون وسائر الملاحدة {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (١٨)}.
(٤) الثابت والمتحول ٢ - تأصيل الأصول: ص ٨٠ - ٨١.
(٥) المصدر السابق ٢/ ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>