للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً؛} أي وحرّم عليكم اصطياد ما في البرّ. ويقال: عين صيد البر ما دمتم محرمين، ولا خلاف في الاصطياد أنه حرام على المحرم في البرّ، فأما عين الصيد فإن صاده حلال بأمر المحرم أو بإعانته أو دلالته وإشارته حرم على المحرم تناوله، وإن صاده حلال بغير أمر المحرم حلّ للمحرم تناوله كما روي في حديث أبي قتادة؛ قال: (كنت في رهط من المحرمين وأنا حلال، فبصرت بحمار وحش فقلت: ناولني الرّمح، فأبوا، فأخذته وأتيت الصّيد، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكله فقال: [هل أعنتم؟ هل أشرتم؟ هل دللتم؟] فقالوا:

لا؛ فقال: [إذا فكلوا] (١)).

قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (٩٦)؛أي اتّقوا الله في أخذ الصّيد في الإحرام الذي إلى موضع جزائه تبعثون.

قوله عزّ وجلّ: {*جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ؛} أي جعل الله الكعبة أمنا للناس، بها يقومون ويأمنون، وذلك أنّ الرجل كان إذا أصاب ذنبا في الجاهليّة والإسلام، أو قتل قتيلا لجأ إلى الحرم فأمن بذلك، وكانت الكعبة قواما لمعايشهم وعمادا لهم في أمر دينهم ودنياهم؛ لما يحصل في ذلك من الحجّ والعمرة والتجارات، وما يجيء إلى الحرم من ثمرات كلّ شيء.

وقيل: معنى قوله: {(قِياماً لِلنّاسِ)} أي قبلة لهم، أمروا أن يقوموا في الصلاة متوجّهين إليها. قوله تعالى: {(وَالشَّهْرَ الْحَرامَ)} أي جعل الشهر الحرام آمنا أيضا، كانوا إذا دخل الشّهر الحرام لم يقتلوا فيه أحدا حتى يمضي.

قوله تعالى: {وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ؛} جعل الهدي الذي يهدى إلى البيت أمنا للرّفقة، وجعل القلائد أمنا، والقلائد البدن من البقر والإبل كانوا يقلّدونها بنعل أو خفّ، وربّما كانوا يقلّدون رواحلهم إذا رجعوا من مكّة من لحاء شجر الحرم فيأمنون


(١) أخرجه البخاري بمعناه في الصحيح: كتاب الصيد: باب إذا صاد الحلال: الحديث (١٨٢١)، وباب إذا المحرمون صيدا: الحديث (١٨٢٢).ومسلم في الصحيح: كتاب الحج: باب تحريم الصيد: الحديث (٩٥ و ١١٩٦/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>