للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ؛} أي ليذوق عقوبة صنعه. والوبال: تقبّل الشيء في المكروه، مأخوذ من الوبيل، يقال: طعام وبيل؛ وماء وبيل؛ إذا كانا ثقيلين، قال الله تعالى: {فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً} (١) أي ثقيلا شديدا.

قوله تعالى: {عَفَا اللهُ عَمّا سَلَفَ؛} أي تجاوز الله عما مضى من قتل الصيد قبل التحريم. قوله تعالى: {وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ؛} أي من عاد إلى قتل الصيد بعد العلم بالتحريم متعمّدا لقتله يعذّبه الله في الآخرة ويعاقبه على فعله. وأصل الانتقام: الانتصار والانتصاف، وإذا أضيف إلى الله تعالى أريد به المعاقبة والمجازاة. قوله تعالى: {وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ} (٩٥)؛أي منيع بالنقمة ينتقم ممّن عصاه.

قوله عزّ وجلّ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ؛} أي أحلّ لكم اصطياد ما في البحر، {وَطَعامُهُ؛} أي ما لفظه البحر وحسر عنه الماء، وهذا قول أبي بكر (٢) وعمر وأبي هريرة (٣).وقال بعضهم: {(طَعامُهُ)} هو الملح؛ وهو قول سعيد بن جبير وعكرمة والنخعي وقتادة.

وقوله تعالى: {مَتاعاً لَكُمْ؛} أي منفعة لكم. وهو مصدر مؤكّد للكلام؛ أي تمتّعوا متاعا لكم. وقوله تعالى: {وَلِلسَّيّارَةِ؛} أي ومنفعة للمارّة في السفر.

قال ابن عبّاس: (نزلت هذه الآية في قوم من بني مدلج، كانوا أهل صيد البحر، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: إنّا نصطاد في البحر، وربّما يعلو البحر وربّما مدّ البحر، فيعلو الماء كلّ شيء، ثمّ يرجع ويبقى السّمك بالأرض، ويذهب الماء عنه فنصيبه مدّا، فحلال لنا أكله أم لا؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية).


(١) المزمل ١٦/.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٩٨٨٩) عن ابن عباس رضي الله عنهم جميعا؛ قال: «خطب أبو بكر الناس فقال: أحلّ لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم، وطعامه: ما قذف»، والنص (٩٨٧٧).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٩٨٩٠) وفيه اتفاق عمر وأبي هريرة في الفتوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>