للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{عَذابٌ أَلِيمٌ} (٩٤)؛يعني التعزير والكفّارة في الدّنيا؛ يفرق الضرب على أعضائه كلّها ما خلا الوجه والرأس والفرج، فيضرب ضربا وجيعا ويؤمر بالكفّارة، ويكون هذا المتعدّي مأخوذا بعذاب الآخرة إن مات قبل التوبة.

قوله عزّ وجلّ: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ؛} روي أن هاتين الآيتين نزلتا بالحديبية، وكان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم محرمين، وكان الصيد من الوحش والطير يغشى رحالهم. وفي قوله: {(وَأَنْتُمْ حُرُمٌ)} وجهان؛ أحدهما: وأنتم محرمون بحجّ أو عمرة، والثاني: وأنتم داخلون في الحرم.

وقوله تعالى: {(لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ)} دليل على أن كلّ ما يقتله المحرم من الصيد لا يكون ملكا؛ لأن الله تعالى سمّى ذلك قتلا، ولا يجوز أكل المقتول وإنما يجوز أكل المذبوح على شرط الذكاة.

والصيد في اللغة: اسم لكل ممتنع متوحّش، فلا يفرق الحكم في وجوب الحلّ بين المأكول منه وبين غيره، إلا أنه روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [خمس فواسق يقتلن في الحلّ والحرم: الحيّة؛ والعقرب؛ والغراب؛ والفأرة؛ والكلب العقور] (١).

وأراد بالكلب العقور: الذئب على ما ورد في بعض الروايات (٢).

قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ؛} روي أنه نزل في كعب بن عمرو (٣)؛عرض له حمار وحش فطعنه برمحه فقتله، ولم يكن علم بنزول التحريم.


(١) أخرجه أبو داود في السنن: كتاب المناسك: باب ما يقتل المحرم من الدواب: الحديث (١٨٤٨). والترمذي في الجامع: أبواب الحج: باب ما يقتل المحرم من الدواب: الحديث (٨٣٧٤) عن عائشة، والحديث (٨٣٧٥) عن ابن عمر.
(٢) عن عبد الله بن سيلان أنه سأل أبا هريرة عن الكلب العقور؛ فقال: «هو الأسد».أخرجه عبد الرزاق في المصنف: الأثر (٨٣٧٨).
(٣) في الجامع لأحكام القرآن: ج ٦ ص ٣٠٢؛ قال القرطبي: (وروي أن أبا اليسر-واسمه عمرو بن مالك الأنصاري-كان محرما عام الحديبية بعمرة فقتل حمار وحش فنزلت فيه).وفي تهذيب التهذيب: ج ٦ ص ٥٧٧: الرقم (٥٨٤٠)؛قال ابن حجر: (كعب بن عمرو بن عباد الأنصاري السّلمي: أبو اليسر، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ... فكان من آخر الصحابة موتا).

<<  <  ج: ص:  >  >>